معاملة الأسرى في الإسلام
جزء من سلسلة مقالات عن |
الإسلام |
![]() |
خلافة إسلامية |
مواضيع ممنوعة |
معاملة الأسرى في الإسلام تبدأ مع قصة أول معركة , معركة بدر , الذي انتصر فيه الرسول محمد وأصحابه . تقول كتب السيرة أن النبي محمدا وأصحابه استطاعوا أسر سبعين أسيرا من الكفار المشركين من قريش . لقد وجد الرسول محمد نفسه أمام مشكلة الأسرى ، لذلك قام باستشارة أصحابه . أشار عليه أبو بكر بأخذ الفدية منهم ، وقد فسرت الفدية هنا بأخذ المال من الميسورين منهم ، وقيام كل واحد من الفقراء منهم بتعليم عشرة من أبناء المسلمين . وأشار عمر بن الخطاب عليه بقتل الأسرى . أخذ النبي برأي أبي بكر . وعندها نزلت الآية التي تقول :
” | مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ( الآية 69 من سورة الأنفال ) | “ |
في هذه الآية يعاتب الله الرسول على إبقاء الأسرى أحياء مقابل المال ، ومعناها أن قتلهم فيه ثواب وأجر في الآخرة . وهناك آية أخرى تتكلم عن الأسرى وهي :
” | فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ ، فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ ( الآية 4 من سورة محمد ) | “ |
يقول بعض المفسرين أن هذه الآية نسخت بآية أخرى هي : فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم ( الآية 57 من سورة الأنفال ) . في الآية 4 من سورة محمد ، يقصد إذا لقيتم الكفار والمشركين ، وغلبتموهم فشدوا وثاقهم ، ولكم الخيار بين إطلاق سراحهم أو أخذ الفدية منهم . ونلاحظ أن هذه الآية متناقضة في الحكم مع الآية 69 من سورة الأنفال ، وللخروج من هذا المأزق ، قال المفسرون أنها نسخت بالآية 57 من سورة الأنفال . المقصود بالآية 57 هي أن الله يخاطب المسلمين ويقول لهم : إذا لقيتم الكفار والمشركين في الحرب فنكلوا بهم أي اقتلوهم شر قتلة ، حتى يتفرق من يأتون من بعدهم من أنصارهم . فيما يلي حالات قتل فيها النبي أسراه وهي :
- قتل الأسيرين عقبة بن أبي معيط ، والنضر بن الحارث يوم بدر.
- قتل النبي للأسير الشاعر أبي عزة يوم غزوة أحد التي انهزم فيها المسلمون .
- قتل النبي للأسرى من يهود بني قريظة ويتراوح عددهم بين 600 و700 أو أكثر.
- قتل النبي للأسير عبد الله بن خطل يوم فتح مكة ، حيث قال لأصحابه اقتلوه مع ثلاثة آخرين حتى لو تعلقوا بأستار الكعبة .
واعتمادا على ما سبق ، فالشريعة الإسلامية تعامل الأسير إما : بالقتل ، ويكون بجز رقبته من الخلف وبالسيف , بالاسترقاق ، أي الاستعباد , بالمن ، أي إطلاق سراحه ، حسب المصلحة , تبادل الأسرى , بالفداء ، أي أخذ فدية مبلغ من المال مقابل إطلاق سراحه .
إذا نظرنا من ناحية شريعتنا الإسلامية ، فليس من حقنا أن نلوم إسرائيل على قتل المئات من الأسرى المصريين بعد هزيمة حرب الأيام الستة في الخامس من جوان 1967 . وإذا تناولنا ما نقوم به نحن وما قامت به إسرائيل من ناحية القانون الدولي المعاصر واتفاقية جنيف ، فإن سوء معاملة الأسرى والجرحى يعتبر جريمة ضد الإنسانية .
حادثة مقتل عمرو بن هشام بن المغيرة الملقب بـ أبي جهل ، الذي جرح في معركة بدر . بينما هو يحتضر ، أبصره الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود ، فصعد على صدره ومسكه من لحيته للانتقام منه لأنه كان من المعارضين الأشداء للدعوة المحمدية . عندها قال عمرو لابن مسعود : لقد ارتقيت مرتقى صعبا يا رويعي الغنم . وبالطبع قام هذا الصحابي الجليل بالإجهاز على هذا الجريح . لقد وصفوا لنا عمرو بن هشام بأسوأ الأوصاف ، وبأنه عدو الله اللدود ، وبأن قتله كان فيه نصر للإسلام . ألم يأت الإسلام لتأليف القلوب ؟ ألم يقل القرآن : « أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ». كيف نعتبر عبدالله بن مسعود صحابيا جليلا وقد قتل أسيرا يصارع سكرات الموت ؟ وكيف نذم رجلا بقي وفيا لمبادئه حتى وهو في آخر رمق من حياته ؟
تعلمنا في مدارس البلدان العربية والمستعربة أن الإسلام صالح لكل زمان ومكان ، لذلك فقد يقول قائل أن تلك التصرفات حدثت في سياق تاريخي معين . لكن كثيرا ما نسمع عن قيام الجماعات الإسلامية المتطرفة كتنظيم داعش بقتل الجنود العراقيين والسوريين الذين يقعون أسرى لديها . هل تصرفات هذه الجماعات آتية من فراغ ، أم أنها تستند إلى نصوص شرعية تعود إلى بداية ظهور الإسلام ؟