أخلاق

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

الأخلاق مصطلح مطاطي يتغير حسب التاريخ والجغرافيا والدين والإنقلابات العسكرية والتدخل الأجنبي , يكثر الحديث والجدل عنها بين الكائنات البدائية التي تستوطن المناطق الحارة حيث يتحول الأخلاق فيه الى مجرد اجترار لفظي على عينك يا تاجر، وينعدم في كثير من الأحيان في واقع الأمر . للأخلاق خصائص ميكانيكية تجعله مرناً حيث ينتصب ويزداد حجمها نتيجة لعوامل نفسية وعصبية ووعائية وصماء في الدول المليئة بالدعاة والخطباء والواعظين والمرشدين الذين يفتون إذا كان من الحلال أو الحرام أن تعمل نادلاً في مطعم وتقوم أحياناً بتقديم لحم الخنزير للزبائن ، أو تقوم بغسل صحون فيها بقايا من لحم الخنزير . يمكن للأخلاق العودة لحجمها وشكلها السابق عندما يقل نشاط الجهاز العصبي اللاودي إلى القيمة القاعدية فينتشر جرائم الاغتصاب والاعتداء الجنسي على الأقارب ، أو ما يسمى بـ زنا المحارم والتحرش و الخيانات الزوجية في الظلام والتي لا تُوثّق ولا يتحدث عنها أحد ، فتعطي انطباعاً زائفاً أن المجتمع بخير.

تعاني المجتمعات التي تتعرض يومياً لوابل من المواعظ والإرشادات الدينية والاخلاقية في وسائل الإعلام والمساجد والكنائس ، من أزمات حادة في الأخلاق وحسن السلوك وفساد وإنحراف حتى النخاع وصعوبة في السير على الصراط المستقيم فيمكن للبائع ان يبيعك حليباً منتهي الصلاحية أو طعاماً فاسداً رغم أنه سمع كثيرا في حياته بالمقولة : من غشنا فليس منا . يمكن للإنسان الذي يعتقد أنه متقدم أخلاقيا وروحيا على الغرب الكافر ان يأوي الى فراشه ليلا خالي البال ، بعد أن يُهدئ ضميره القلق بوهم أنه على خلق لأنه لا يشرب فودكا البركة ولا يمارس الجنس من عنزته الأليفة ولا ينجب أطفالاً غير شرعيين بالرغم من عدم احترامه للقانون وعدم الإخلاص في العمل ، وعدم احترام الملكية العامة، وقبول الرشوة والفساد والمحسوبية والواسطة، وعدم الالتزام بالموضوعية والإنصاف والإتقان في التوظيف والإختيار والتصنيع وممارسته الجنس مع الزوجة بدون رضاها في اغتصاب موثق وحلال بأوراق رسمية.

في مجتمعات التسلط والإستبداد ، يؤدي بك الصدق عادة إلى المهالك ، لهذا يصبح النفاق والكذب قيماً مركزية من قيم البقاء على قيد الحياة ، وأول درس يعلمه الأب الشرقي لأولاده هو أهمية الكذب والنفاق وطأطأة الرأس . أكبر المنظمات العاملة في مكافحة الفقر وإغاثة المنكوبين ، مظمات غربية . وفي سلوكهم هذا أروع تجلٍ لأخلاق العطف على الفقير والضعيف ومساعدته , فمساعدتهم للفقراء ليست إحسانا، لكنها استجابة لحق أساسي والتزام إنساني . حتى لو أتينا لأخلاق أخرى ، مثل الأمانة والتسامح والتقشف والتكافل والتراحم ، سنجد الغرب الكافر متفوقا علينا في الفهم والتطبيق.

تعرف دورة الأخلاق في الطبيعة على أنها سلسلة طبيعية من العمليات المتلاحقة والمرتبطة ، والتي من خلالها يتم إعادة تشكيل مفهوم الأخلاق من خلال تغير حالاته الفيزيائية من صورة إلى أخرى، ويضمن هذا التغيير في الحالة الفيزيائية انتقاله من الحيوانات الذين يتصفون بأعلى مراتب الأخلاق الى الإنسان المنتصب (الاسم العلمي: Homo erectus) والذي يصل فيه الأخلاق الى الحضيض . فيما يلي بعض المعلومات عن مفهوم ومراحل دورة الأخلاق في الطبيعة:

أثبتت العديد من الدراسات على قدرة العديد من الحيوانات على ما يعرف بالتقمص الوجداني وهو القدرة على إدراك مشاعر الآخرين والإحساس بها وأصل المصطلح يعود إلى الألمانية و تعني الشعور بما في داخل الآخر ، وتمت ترجمتها لاحقًا إلى كلمة empathy في الإنجليزية ، ولعلّ أقرب ترجمة لها في العربية هي كلمة تعاطف على الرغم من أن الألمانية أكثر اتساعًا وعمومية.

في إحدى التجارب، أظهر الباحثون أن الشمبانزي يفضل مشاركة المكافآت الغذائية التي يحصل عليها مع شمبانزي آخر، ويرى الباحثون أن لدى العديد من الثدييات ما يمكن تسميته بدافع الإيثار , حيث أنها تستجيب لعلامات الضيق عند الآخرين وتشعر بالرغبة لمحاولة تحسين وضعهم ، وقد يتطور الأمر إلى مرحلة من التضحية بالنفس من أجل عضوٍ آخر في المجموعة . تصرفات التعاطف والامتنان والمساعدة التي تبديها أنواع عدة من الحيوانات وتدعم سلوكها الأخلاقي تشير إلى أن الأخلاق تتعمق بيولوجيا في أدمغة الكائنات ، وبالتالي فهي ليست امتدادًا للتفكير العقلاني أو الأديان كما يرى البعض .

وجدت العديد من الأبحاث أن أنواعًا كثيرة من الثدييات تمتلك خلايا عصبية مرآتية (بالإنجليزية:Mirror neuron) مسؤولة عن الشعور بالتعاطف مع الآخرين وتفهم وإدراك حالاتهم وأوضاعهم ومشاكلهم . في دراسة ، توصل الباحثون أن الفئران المشارِكة بالبحث تعاني نفسيًا بالألم حين رؤيتها لفأرٍ آخر يعاني ألمًا جسديًّا ، فقد قام فريق الباحثين بحقن عدد من الفئران بحامض الخل الذي يسبب حرقة وألمًا ومراقبة مجموعة أخرى من الفئران كانت مهمتها فقط التواجد ومشاهدة المجموعة الأولى . وجد الباحثون أن المجموعة المشاهِدة أظهرت ردود أفعالٍ وتعبيراتٍ جسدية ونبراتٍ صوتية تشير إلى إحساسها بالألم وتعاطفها مع المجموعة الأولى، على الرغم من أنها لم تتعرض لمسبب الألم ولا تعرف كيفيته. في تجربة اخرى رفضت قردة جائعة إيذاء قردة أخرى بالتيار الكهربائي حتى لو حصلت بموجب ذلك على الطعام ، كما قام غوريلا بحماية طفل انسان في الـ3 من العمر سقط في قفصها ، من الغوريلات الأخرى في حديقة حيوانات .

لاحظ الطفل ، وأمعن النظر في تصرفاته , ستخرج بنتيجة حتمية: أنه مفرط الأنانية، يرى أن أهم ما في الوجود شخصه وكل شيء حوله يجب أن يكون له ؛ ما يصدر عنه من أعمال فإنما هي لجسمه، وللذة يلتذها جسمه، لا يعنيه من أمه إلا أن ثدييها وعاء للبنه ؛ كل ما له من عمل و شعور، و فكر، و رغبات، إنما هي موجهة نحو ذاته ؛ فإذا أحس فراغاً من الزمن ليس فيه شيء مما يشتهي بكى ؛ لو كلف أن يرسم خريطة العالم كما يرى َلرسم شخصه فقط .بعد ذلك وهو ينمو، تجده يتحول من أنا إلى نحن شيئاً فشيئاً، و يبدأ بالشعور بأسرته بجانب شخصه، ثم بتلاميذ مدرسته بجانب نفسه، ويتعلم دروس الأخذ والإعطاء بعد أن كان درسه الوحيد هو الأخذ، ويضم إلى العمل لشخصه العمل لغيره، ويعتاد ألا يعمل فقط ما يحب، بل يعمل أيضاً ما يجب، ويعمل ما تقتضيه التقاليد، وخوف العقوبة , يتعلَّم ذلك كله في أسرته وفي مدرسته، وفي ألعابه وفي شارعه ؛ ويتولد فيه شعور وتفكير ورغبات للعمل للغير، كما تولدت فيه من قبل هذه الأمور للعمل لشخصه .

للأسف يبدأ الشعور بـ نحن برحلة نحو الإنحدار و الحضيض و أسفل السافلين عند دخوله الحياة العامة و بعد الزواج و إنجاب الأطفال، وتخرجه من الجامعة والتمرغ في تراب الوظيفة ، فيهمل جميع المخلوقات وينسى ان هناك أناساً غير أطفاله والحفرة التي سقطوا منها، وأنه مرتبط ببعضهم في التعامل ، ولا يشعر بأن هناك مسئولية ملقاة على عاتقه نحو من يَعمل معهم، وأنه خاضع لقوانين البلاد، وله روابط بقومه وأهل دينه ونحو ذلك، كما لا يشعر أنه يجب عليه العمل بشرف و نزاهة و إخلاص . تدريجيا نرى في الغالبية العظمى من بني آدم إستغراقاً وعمقاً في أنا ونزوحا و إغترابا من نحن ، فنرى الرجل العظيم في مجتمعاتنا يصل إلى منزلة يرى معها أن لا قيمة لحياته إلا إذا ارتبطت بإسعاد قضيبه وزوجته المفلطحة الأنف وأطفاله المنايك ؛ لا يضع نصب عينه العمل لترقية بقية خلق الله روحياً ونفسياً ومادياً؛ وهو ضيق الخرم و النظر، ضحل الفهم والتفكير ، ضيق الصدر، غير متسامح أمام ما يشل العقل من العصبية الوطنية والدينية والخلافات الحزبية و الطائفية؛ لا يختبر حاجات الناس وأسباب شقائهم و لا يوجه إرادته لرفع الشقاء عنهم، وجلب السعادة لهم إن استطاع اليه سبيلا .

الإخفاق والبصاق والترياق في اصول الأخلاق[عدل | عدل المصدر]

إعلم جيدا يا ايها الزقزاق الزعاق العبد الرزاق ان جماهير الناس السوية يعملون للأجر ، ويقوّمون العمل بالمال ، فإن أعطوا كثيراً عملوا كثيراً ، وإن أعطوا قليلاً عملوا قليلاً ، ويفاضلون بين عمل وعمل بقدر ما يدر من ربح ، لكن الفساق البهاق البهباق البواق صاحب الأخلاق اللقلاق يعملون لأنهم يلذّهم العمل ، ويقوّمون العمل بمقدار ما يحقق من خير لأمتهم ، وللإنسانية أجمع ؛ يخلصون في العمل، ويعرضون حياتهم للخطر في سبيل مرض يكتشفونه وداء يعالجونه به، أو في سبيل تحرير العقول من أغلالها، أو تحرير العقيدة مما أفسدها، ويحاربون الظَلَمة والطغاة لتحقيق العدل في الأمة و العالم، يحتملون في ذلك العذاب ألواناً، لأن عشقهم للحق غلب حبهم للذات ان هذا لعمري شقاق و هراق و واق و واقواق .

عش حياتك وكأنه ليس في الدنيا إلا عضوك التناسلي، إبحث دوما عن الأكل الطيِب والملبس الطيب والنعيم الطيب ، ليكن ذلك كل تفكيرك ، وكل سعيك، وكل غرضك ؛ ولا تعمل عملا خارج هذه الدائرة وإن شئت فعُد ناسكا راهباً لا تفكر في أحد من بني آدم حولك ، ولا يهمك حال قومك سياسياً ولا اجتماعياً، ولا يعنيك إن تخوزقوا أم سعدوا ، ولا تحمل تبعة شيء، ولا تصادق أحداً , قم بتحديد العالم بحدود نفسك ، إذا فكرت فكر فيها، وإذا عملت إعمل لها، لا يعنيك من العمل إلا مقدار ربحك منه، خسر الناس أو كسبوا ، لا يمنعك من الغش في عملك إلا خوف العقوبة ، فإن أمنتها إعمل ما تشاء تعلم درس الأخذ ولا تتعلم درس العطاء، فليس الدنيا كلها وما فيها إلا قنطرة تعبر عليها للوصول إلى غايتك .

إرسم في الأعماق والأعناق والأرماق والأسواق والأوراق خطاً مستقيماً رأسياً، وضع في أعلاه أنا وفي أسفله نحن ، وامتحن نفسك : كيف أنت في عملك و علاقتك بالناس و في نياتك ومقاصدك ، هل لا سامح الله يؤلمك بؤس الناس وشقاؤهم وفقرهم ؛ فتتعاطف معهم ، وتعمل جهدك لإسعادهم فإنك واللات و العزى تستحق البصاق و الإملاق و الإرهاق يا صاحب الأخلاق ، أو كل ما هو محشور في نفوخك هو حضرتك وآل بيتك ، ثم على الدنيا السلام ؟ , حدد مركزك من الخط المستقيم ، فإذا قربت جدا من أنا فهذا دليل الأشواق و الأطباق و الأذواق وإن قربت جدا من نحن فأنت انسان يستحق الإحراق و الإنمحاق و الإغراق يا صاحب الأخلاق

الأخلاق و مستخدم:الله[عدل | عدل المصدر]

الدجاجة جاءت قبل البيضة ام الأخلاق قبل الدين ؟؟
الجواب بعد قدح من فودكا البركة


الأخلاق في الأديان تستلزم وجود مستخدم:الله والشيطان والخلود وانتصار الخير على الشر والجنة والنار. عدم وجود الثواب و الشلوت ، لا يدفع الناس إلى التضحية اللازمة لكي تعمل القيم الخلقية كما يجب , لكن حجة الكفار و الملحدين داروين حفظه الله ورعاه يقول: إن بداية الأخلاق لم تأت أصلا تطوعا ، أو كأعمال مجيدة نادي بها الحكماء والأنبياء من فراغ . لقد أتت كضرورة بيولوجية تساعد على بقاء النوع فأجدادنا الأولون من القرود و البابون كانوا يعرفون الأنانية والشفقة على الضعيف . اندمجت هاتان الخصلتان المتعارضتان مع بعضهما وتحولتا إلى رغبة في مساعدة الغير على أمل أن يقوم الغير بمساعدتنا بالمثل . عندما يستضيف أعرابي في خيمته بدويا تائها في الصحراء او هاربا من بطش محمد بن سلمان ، ويقدم له الماء والخميعة ، نسمي هذا كرما لكنه في الواقع أكثر من مجرد كرم إنه بوليصة تأمين ضد خطر الموت جوعا وعطشا ماحدث للبدوي يمكنه أن يحدث للأعرابي . الكرم في الصحراء ليست خصلة نفتخر بها فقط بين القبائل ويتحدث بها الركبان، إنما هي ضرورة وصندوق ضمان اجتماعي يجب أن يشترك فيه الجميع.

في تحفته الفريدة بين تراث الفلسفة الغربية، الجمهورية (باليونانية: Πολιτεία) ، يفترض افلاطون وجود خاتم يمكن صاحبه من الاختفاء ، ثم يعثر عليه مصادفة راعي ماشية يدعى جيجس لتنقلب حياته البسيطة وحياة مجتمعه رأسا على عقب ، فيقترف الكثير من التعديات الأخلاقية براحة بال تامة ، لأنه حسب منطقه قد ضمن غياب الرقيب وأمن تماما من العواقب . حتى أن حبكة القصة ودلالاتها الرمزية تكررت بصور متنوعة في ثقافات مختلفة، قديما وحديثا . كخوذة هاديس وخوذة تارنهيلم وشملة كاسيفيلانو في الميثولوجيا اليونانية والجرمانية والبريتانية والتي منحت أصحابها قدرات فوق بشرية أحيانا لكي يوظفوها معظم الوقت في الظفر بأعدائهم. وكذلك في التراث البوذي القديم، حين منح موغالان وهو أحد حواري سيدارثا البوذا، القدرة على الاختفاء ليستطيع بها الفرار من قتلته. حتى أن لنا قرب عهد بدلالات مماثلة، كفكرة الطاقية بالفيلم العربي الكلاسيكي سر طاقية الإخفاء المستلهم بشكل كبير من الرواية والفيلم الأمريكي الرجل الخفي وكفكرة الخاتم المخادع في رواية وفيلم سيد الخواتم. السؤال هنا، والذي ينبغي أن تفكر فيه مليا مع نفسك : لو أن ذلك الخاتم أو تلك الخوذة أو الشملة تواجد ليك، وقد أصبحت خفيا تماما عن الأعين، هل ستحسن التصرف الأخلاقي عندها مثلما تفعل الآن ؟ أم سيحملك ذلك الخفاء على التحرر من قيود منظومتك الأخلاقية، حتى تستبيح أفعالا كالأذى والسلب والاعتداء، لأنك تضمن تماما نجاتك من العقاب ؟

هناك فارق جليل بين القانون والأخلاق . فبالإمكان ان تجد مجتمعا قانونيا فيه المحتاج والطامع والفاسد ، ولا يقوى أحدهم على السرقة أو القتل أو مضاجعة عنزته الأليفة لأنه يخشى الغرامة والإعدام والسجن ، فيتسم كل واحد منهم بالصلاح الظاهري حتى تحين فرصة الخفاء التي يحقق كل فيها مأربه. وعلى النقيض من ذلك، فالأخلاق لا تستمد شرعيتها من الخوف . بينما يقوم جوهر النظريات الأخلاقية على فكرة الإلزام، عندما تواتيك تلك اللحظة التي تفعل فيها سلوكا معينا أو تختار قرارا محددا، لا لأن ما يمنعك أو يدفعك هو الخوف ، بل لأنك تدرك في قرارة نفسك أن ذلك هو ما يجب أن تفعله، لسبب كذا وكذا وكذا. تعريف الأخلاق شيء يستحيل فعله لكن نستطيع الاقتراب دائماً من تعريف : يساهم في سعادة البشرية. قمة الأخلاق هي السعي إلى تحقيق سعادة الأفراد وسلامتهم النفسية والجسدية، وقمة انعدام الأخلاق هي السعي لتحقيق تعاسة الإنسان وإيذاءه نفسياً أو جسدياً وهذا يشكل مقياساً توضع عليه التصرفات كأقرب للقمة الأخلاقية أو أقرب للانحدار الأخلاقي . هل فرض تعليمات حياتية من قبل إله يجعل العمل الأخلاقي أخلاقياً ؟ فالمؤمن لا يهتم بأخلاقيات الفرض بقدر ما يهتم بالتخلص من العقاب ، فهذه أخلاق وهمية لا تعبر عن أي بوصلة أخلاقية داخلية بل هي مجرد تنفيذ لتعاليم هذا الكتاب أو ذاك.

الأخلاق عند العربان[عدل | عدل المصدر]

شبان يتحرشون بالسيدات صباح يوم العيد بعد صيامهم رمضان. شرطة يعذبون الأبرياء، أطباء وممرضات يسيؤون معاملة المرضى والفقراء، طلبة يمارسون الغش الجماعي ، مؤمن ملتح يشغل وساطاته ليتعدى بها على حقوق الآخرين ، محجبة ورعة تذل العاملة في منزلها ، مسلم مخلص يستخرج ورقة مرضية مزورة ليتغيب بها عن عمله ، ملتزمة منقبة توسط نائبا في البرلمان ليصلها راتبها من دون أن تضع قدما في مقر عملها . لا يكاد يمر يوم من دون أن تتوالى هذه الصور علينا حتى باتت صور مكررة طبيعية من حياتنا اليومية ، حيث تشكل طبيعية هذه الصور اللاأخلاقية أشد درجات الخطورة على مجتمعاتنا وأكثرها تهديدا لأمننا واستقرارنا الإنسانيين . مجتمعاتنا تعاني من انفصال العقيدة عن السلوك و انفصال التدين عن الأخلاق وهي الظاهرة الأكثر إبهارا وغموضا بين الظواهر الإنسانية العامة، حيث تستدعي هذه الظاهرة تساؤلا عن معنى وطبيعة شعور الخوف في النفس الإنسانية والكيفية التي يحور بها الإنسان هذا الشعور للحصول على مبتغاه في النهاية. فالإنسان الذي يؤمن حقيقة بالوجود الإلهي، بوجود نظام عقوبة وإثابة يتجليان في موقعين حقيقيين هما موقعا الجنة والنار، كيف يستطيع أن ينفصل عن النظام الأخلاقي من دون أن يتملكه خوف شللي مما قد ينتظره من عذاب أو حرمان حارقين ؟.

قراءة الدين المنتشرة الآن إجرائية أكثر منها سلوكية . بمعنى أنها لا تقدم الدين باعتباره مرادفا للأخلاق، وإنما تختصره في مجموعة إجراءات إذا ما أتمها الإنسان صار متدينا . ربما التدين بحد ذاته كسلوك يشجع البعد عن الأخلاق ، من دون ذنب للدين نفسه ولكن بسبب طبيعة النفس البشرية، حيث يشعر الإنسان أن تدينه وإنتظامه في الإجراءات التعبدية يعزلانه عن الإثم ويحميانه من العقوبة، كما لو أن التدين كفيل وحده بمحو بقية الآثام، كما لو أن المؤمن المتدين معفي من الحساب . لذا ولأن المتدين يشعر برفعته عن بقية العالم وبقرب من وعلاقة خاصة مع الخالق ، أشبه بالوساطة، فهو يعتقد أن مخالفاته اغير الإجرائية، سيتجاوزها الله من دون أن تقع ويقع هو معها تحت طائلة العقوبة الإلهية .

الأخلاق بلا تدين لربما هي الأفضل والأكثر حقيقية بالمطلق. فالإنسان الذي يمارس حياته بأخلاقية لا بواعز من تدينه أو من خوفه من عقاب أو من رغبته بثواب لابد أنه أكثر حقيقية وأكثر إخلاصا للمبدأ الأخلاقي من نظيره المدفوع برغبة أو بخوف . لا أدعي هنا أن التدين متناقض والأخلاق ، ولكنني أقول إن الأخلاق التي تنبع من التدين وحده وما يصحبه من مشاعر الرغبة والخوف هي أخلاق مهزوزة يمكن أن تتطوع وتتشكل بل وتختفي بفتوى أو بتفسير، فالمؤمن الذي يمتنع عن السرقة مثلا إلى أن تأتيه فتوى تسمح له بالنيل من أموال الغرب على اعتبار أنها أموال كفار قد طوع أخلاقياته المطاطية التي تتجاوب ومخاوفه ورغباته، فسمح لنفسه بكسر المبدأ الأخلاقي من منطلق ديني.

كارثة الأخلاق[عدل | عدل المصدر]

الكارثة التي حلت بالبشرية تتمثل في ظهور الأديان السماوية وتبنيها لكلمة الأخلاق، على الرغم من أن الأديان السابقة للأديان السماوية كان هدفها الأساسي هو هدف توحيدي ، فلم تقحم نفسها في التفاصيل الأخلاقية بشكل أساسي. لكن بعد ظهور الأديان السماوية إنفصلت الأخلاق عن أصلها الفلسفي البحت إلى أصل ديني جديد. فأضحت مفهوما ما عاد يقترن بالحق والجمال والخير، بل بات يقترن بالعقاب الآخروي، وما عاد يقترن بالجوهر الداخلي اللاحسي، بل أصبح شرذمة من رجال الدين يقرنوها باللبس والمظهر السطحي، وما عادت ممارستها ضرورة للبقاء، بل ضرورة لإرضاء الآلهة، ففقدت بذلك الأخلاق رونقها. الأخلاق لا تعنى فعل الصواب من أجل الحصول على رضا إله ما، وإنما تعنى فعل الصواب من أجل أنه الصواب .

اليابانيين من الشعوب التي لم يهديها هذا الاله إلى دين الحق .لم يهديهم الى سيد الخلق ورحمة للعالمين .لم يهديهم الى كتابه وباللغة العربية والتي لا يفهموا منها شيئا. ولم يهديهم ليتعلموا من أخلاق الصحابة والسلف الصالح . ولم يهديهم لكي يكونوا هم أيضا خير أمة أخرجت للناس حالهم حال أمة محمد اليوم . كفار هم وللنار فيها خالدين , شكرا، لذلك الإله الذي لم يهدي اليابانيين إلى الإسلام. فهم خير أمة أخرجت للناس بدون ذلك الإله والقرآن ، شكرا على ضلالهم ، لأن في ضلالهم وعدم هدايتهم للإسلام منفعة للبشرية جمعاء فبعد فشل المنتخب الياباني في الوصول إلى دور ربع النهائي بعد خسارته في مباراته مع بلجيكا في كأس العالم 2018 ، ودع خصمه البلجيكي والحضور الجماهيري في الملعب بطريقة لائقة جدا وبعد فترة زمنية قصيرة من مغادرة الفريق الملعب حضر عمال النظافة الى غرفة تبديل الملابس المخصصة للفريق الياباني ليجدوا أن الغرفة الكبيرة كانت نظيفة جداً لم يرى عمال النظافة حتى قصاصة ورق على الأرض كل شئ نظيف ،لا وبل نظيف جدا , فالنظافة من الإيمان .أليس هذا ما تعلمناه منذ الصغر ؟ أما المشجعين اليابانيين ورغم خسارة فريقهم فقد فضلوا البقاء بعد المباراة وأخذوا بتنظيف مدرجاتهم فشكرا لعدم هداية اليابانيين للإسلام فهم لا يريدون أن يكونوا مدرسة أخرى للنفاق ،ولا يريدون أن يخدعوا بتراث أوله سيف واخره زيف وتلفيق وتزوير وتدليس وتلميع وترقيع وتلصيق .

لقد قال المشايخ أن الروادع الموجودة في القرآن و السنة ستصنع مجتمعا مسلما أخلاقيا مثاليا , وسيعض علينا الغرب الكافر الأنامل من الغيظ فأهملوا تربية العقل و الوجدان و الضمير و انشغلوا بتخويف الناس من خرافات الدجال و عذاب القبر و الشجاع الأقرع الذي يضرب العاصي بسلسة تدخل من فمه و تخرج من دبره ان لم يفعلوا ما أمروا به ! فتم حشو عقول المسلمين بالخزعبلات , فخرجت أجيال و مجتمعات مسلمة غاية في الانحراف و العنف, سيقولون ان البعد عن الدين هو السبب فهل الشعوب الأوروبية المتحضرة هي أقرب الى الدين منا ؟ وهل يعرف الياباني السنّة و احاديث عذاب القبر و الأعور الدجال و عقاب جهنم ؟! لقد قالوا أن الغرب منحل و كافر و تجاهلوا أن نسب الفساد و الانحلال الخلقي و جرائم الاغتصاب و القتل ذات معدل مرتفع في العالم العربي والاسلامي أكثر من العالم الغربي حتى اعتاد المسلم على جرائم القتل و الإرهاب و اصبحت امرا اعتياديا و معروفا, وعندما تسألهم عن المعايير التي اعتمدوها في معرفة مدى انحراف الغرب سيقولون لك لانهم كفار و ملحدين !!, ان البعد عن الدين ليس بالعامل الوحيد المسؤول عن تراجع أخلاق المسلمين بل العوامل السياسية و الاقتصادية هي التي تسببت في هذا التراجع أضافة الى التشدد الديني و نشر الغلو في الدين و التحريض على الارهاب الفكري و الجسدي و بعد ذلك يتسائل الكهنة لماذا ظهر الإلحاد في الأوساط الأسلامية الأكثر تدينا ؟.