ابن

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

الابن عضو في العائلة يكون فيها الأب على الأغلب مصاباً بلوثة العظمة والتوريث لابنه من بعد ان ياخذ الله روحه الملعونة وفق منطق دار السيد مأمونة , أو بعد ماننطيه , لذا فان الاحقية في تولي مهام الدولة في الوطن العربي تعود الى ابناء الزعماء فقط لا ينافسهم او يزاحمهم احد . لانهم يعتبرون الارض والعباد , طابو عقاري مسجل باسمهم . هكذا فعل الطغاة في اليمن وليبيا ومصر والعراق , فتولي أبناءهم مسؤوليات اعلى بكثير من اي منصب رفيع في الدولة , مسؤوليات لها صلاحيات مطلقة , خارج المنطق والقانون , وكان لهم أدوار في تخريب عصب الحكومات بقراراتهم الغير معقولة . هكذا كان يتصرف سيف الاسلام في ليبيا , و بن علي عبدالله صالح في اليمن , و جمال حسني مبارك في مصر , وقصي صدام حسين في العراق , بالتحكم الشمولي بمفاتيح الدولة , لا ينازعهم احد مهما كان شأنه , وكانوا يبنون صرحهم العالي , بمساعدة الاعلام الكاذب والمزيف , في تصوير قدراتهم الفائقة والخارقة في تنفيذ مسؤوليات الدولة ومهامها , بالاصرار والعزيمة والذكاء الخارق .

حتى في الديمقراطيات المزيفة والمزورة في العراق و لبنان نجد الابن او القريب المناسب للزعيم في المكان الغير مناسب للدولة من سعد الحريري الى جبران باسيل الى احمد نوري المالكي , فلا شذوذ عن القواعد التي وضعها وارسى حصونها الطغاة في بناء دولهم , و على نجل المالكي , احمد ان يبدأ من الآن لزعامة حزب الدعوة فقوات الدولة الامنية التي فاق عددها على اكثر من مليون عنصر كانت عاجزة عن تنفيذ قرار القاء القبض على لص محترف متواجد وساكن في المنطقة الخضراء حتى إنبرى له ابن المالكي يقدرة وحنكة عجز و فشل فيه الآخرون . من جانب آخر تطور حكم اقليم كردستان العراق من العشيرة إلى العائلة بدفع نجل مسعود بارزاني , مسرور بارزاني إلى رئاسته حكومة الإقليم ، اما نيجيرفان بارزاني، ابن شقيق مسعود فأصبح رئيسا للإقليم ضمن ترتيبات البيت الحزبي والعائلي وتسلم الجيل الثالث من العائلة البارزانية، قيادة الإقليم، بعد ملا مصطفى بارزاني الجد الذي أسس الحزب اللاديمقراطي اللاكردستاني، ليخلفه في القيادة بعد وفاته نجلاه إدريس ومسعود إلى أن توفي ادريس في 1987.

ظاهرة التوريث أصبحت ثقافة طالت جميع المجالات، فالأطباء ينجبون أطباء، والمهندس لابد أن يكون ابنه مهندسًا، والقضاة ينجبون وكلاء نيابة وقضاة، والضباط الصغار يجاورون اللواءات في وزارة الداخلية والدفاع وسرعان ما يصبحوا عمداء وألوية بحكم صلة الرحم، وأساتذة الجامعات المفروض بهم القدوة في صلاح الامة وخير من يعتمد عليهم في تقديم النصيحة والمشورة للساسة إذ بهم يضربون كل المثل العليا والقدوة الحسنة عرض الحائط، بل أول من يخرق القوانين عندما يحجزون الكراسي ومقاعد المعيدين لأبنائهم وأقاربهم، بل أصدقائهم، رغم أن كل القوانين المعلنة الموجودة في هذه القطاعات لا تفرض تعيين أى من أبنائهم في هذه المواقع العلمية المفترض بها التحصيل المعرفي والمؤهل العلمي هو الفاصل والحاسم في هذا الأمر.

حتى تعيين أبناء العاملين والعاملات في وزارات الاتصالات والبترول والكهرباء، القطاعات الأعلى أجرًا من بين الوظائف الحكومية. أصبح أمرًا معروفًا وملحوظًا بمجرد النظر إلى الألقاب والصلات التي تجمع بين كبار الموظفين وأبناءهم الموجودين في أروقة الوزارات , فالمشكلة كبرت وازدادت على نطاق عربي عام، وأصبحت ظاهرة وثقافة في كل البلاد العربية دون استثناء، وأصبحت بعض المرافق ملك عائلات بعينها، بل الأدهى أن الظاهرة لم تتوقف عند توظيف الدرجات الوظيفية الأدنى، بل وصلنا لمستويات تعيين مباشر وتوريث وظائف عليا، مديرين ووكلاء، بل حتى وزراء، وهو أمر إن استمر، فإننا سنرى العجب و نجد أن هذه المرافق أصبحت ملكية خاصة، أصبح التوريث أكثر من مجرد فكرة تطبق في مجال محدود، وفي بعض الوزارات والمرافق الحكومية إلى أن صارت ظاهرة عامة يلاحظها الجميع وأصبح المواطن العادي لا يدخل مرفقًا حكوميًا، إلا ويصادف ابن أحد الموظفين يعمل في نفس المكان، بل نفس وظيفة الأب ، سواء خلال خلال مزاولة الأب العمل أو بعد إحالته على التقاعد .

من دون عناء ورث عمار الحكيم منصب أبيه كرئيس للمجلس الإسلامي الأعلى، اكبر الأحزاب الطائفية في العراق ولم يؤدي التوريث الى إثارة مشكلات لا داخل المجلس ولا خارجه. فالحركة التي تم تأسيسها في إيران للمشاركة في عمليات الجيش الإيراني ضد العراق خلال حرب الخليج الأولى، نشأت في الأصل لتكون تحت قيادة أسرة الحكيم. وقد سلحها الإيرانيون ومدّوها بالأموال وساندوها برجال الحرس الثوري لتكون بمثابة حزبهم الرئيسي في العراق ولكن من اجل أن تكون في الوقت نفسه حزب هذه الأسرة. لا يبدو أمر التوريث مشكلة بالنسبة للأحزاب الطائفية الأخرى. فالكثير منها يقوم على القاعدة نفسها. والأمر لا يتعلق فقط بتركيز النفوذ والمال بيد شخص واحد، فيورثه لأقرب أبنائه، بل لان هذه الأحزاب لا تستند الى إطار أيديولوجي ، وهي بلا فكر أصلا. وإذا وُجد فهو نفسه فكر عائلي أيضا، وبالتالي فان توريثه يصبح أمرا أشبه ما يكون بنقل المكتبة من غرفة الى غرفة داخل الدار والولاءات في هذه الأحزاب هي ولاءآت عائلية، لا فكرية ولا نظرية، ولا حتى سياسية. والمصدر الوحيد للعلم والفهم والتحليل والتفسير والتدبير هو حامل مفاتيح الأسرار العظمى، وهو الوحيد الذي يستطيع أن يفتي في كل الشؤون. وبما أن الولد هو سر أبيه فان توريثه السلطة، بكل ما يتبعها من صلاحيات التدبير، لا يعد أمرا شاذا

العقل العربي يغوص في وحل قانون القبيلة و في سعي دؤوب للتوريث أو لإعطاء مساحة أكبر للأبناء في التحكم بمصير البلدان , وتعد هذه الحالة تراجع واضح عن مفهوم الدولة والتعاطي بمفهوم سلطوي قبلي يحقق الطمأنينة للزعيم وراحة البال من التفكير بخيانة أو إنقلاب على شرعيته السماوية المقدسة . الإسم الثلاثي واللقب هو الذي يتيح الحرية الكاملة فيما يفعل الابن , فنحن في دول لإبن الرئيس فيها الحق المطلق , ولا قانون يعلو على قانون العائلة فعندما تكون من طبقة السادة أو النبلاء تستطيع إن تكون بطلاً فطرياً, ولعل العلوم والمعارف تصبح جزءاً من الشخصية الفذة لرجل لا تنازعه الرجال بل تتنازع حوله , هكذا دورة حياة الطغاة , تتوقف معها حياة الشعوب بإنتظار زوالهم لتستأنف رحلتها الإنسانية.

العائلة