تراب

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
(بالتحويل من التراب)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

التراب مركب وليس عنصر أي أنه مزيج من عدة مواد وعناصر يختلف في طبيعته باختلاف التربة والمناخ وعوامل مساعدة كالماء والكوارث الطبيعية ، وبالتالي تربة البراكين مختلفة عن تربة الجليد مختلفة عن تربة الصحاري والأراضي الزراعية ، والتربة الثابتة مختلفة عن المتحركة في الزلازل ، هذا يعني أن القول بخلق الناس من تراب يطرح سؤال فوري : ما هو التراب المقصود ؟ , هل تراب أيسلندا الجليدي أم المصري الأسود أم العربي الأصفر والياباني الأحمر ؟ وإذا كان التراب ليس عنصرا بل مزيج من عدة عناصر فلماذا لم تذكر الأديان تلك العناصر كأصل بديل عن التراب ؟ .

قصة خلق الإنسان من طين ذكرت في معظم الحضارات والديانات , في السومرية واليونانية والمصرية القديمة ، وفي كل الديانات الإبراهيمية الأخرى , المسيحية واليهودية بل عند الأفارقة والهنود الحمر ، وعند الفراعنة اعتقد المصريون أن الإله خنوم هو الذي خلق البشر من طين . ذكر خلق الإنسان من طين له عدة تفاسير ودوافع ليست كلها واحدة، منهم من كان يربط بين لون الناس والتراب ظاهريا ، فالأوربي أبيض لأن ترابه أبيض , والهندي أحمر لأن ترابه أحمر ، والمصري أسمر لأن ترابه أسمر . أما الثاني لملاحظتهم أن الإنسان يتحول لتراب بعد تحلله , وبالتالي مادة النهاية هي نفسها مادة البداية ، والتفسير الثالث إشارة لحقارة الدنيا ووضاعتها بخلق الإنسان من أرخص وأحقر ما فيها.

التراب قبل النطفة ، بالتالي المقصود أنك مخلوق رخيص عديم القيمة لا يجوز لك التكبر ، وكما بدأت ستنتهي ، وهذا المعنى ذكر في آية الحج

يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة

العالم عرف الخلق والنهاية بقانون أبدي . كما جئت من العدم ستذهب إلى العدم . هنا التراب إشارة للعدم وليس ترابا كمادة مركبة نعرفها ، وأي محاولة تطويع النص بمعناه الظاهري سيتورط الفقيه كما تورط فقهاء المسلمين الذين اجتهدوا في الربط بين العلم والدين كما فعل عمرو خالد مثلا بحصره التشابه بين عناصر الإنسان والتراب , فهو من ناحية لم يقل أن هذا التشابه موجود حتى في الماء والشجر باعتبارهم من مكونات الطبيعة مكتسبين بعض عناصر الحياة , ومن ناحية أخرى لم يفصل المرحلة التي سبقت النطفة، يعني كيف تحول التراب إلى نطفة ؟ هذا السؤال مُعجِز .

الحل لكل هذه المعضلات والتخاريف هو تفسير التراب بالعدم والرخص واعتبار ذلك مقصد الحياة . وبحسبة تدبر بسيطة ستلاحظ أن مادة خلق الإنسان سبقت أشياء عظيمة ، فتسوية الناس رجالا بعد خلقهم من تراب مفارقة بين العدم والقوة , قس على ذلك كل آيات الخلق الأخرى ستجدها تقارن بين العدم وشئ آخر عظيم , والغريب أن الله ذكر ذلك المقصد في آخر سورة النبأ "إنا أنذرناكم عذابا قريبا يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا" . فهل يقصد ان الكافر أنه سيعود لمادته الأولى أم يعود إلى العدم والرخص والفناء كي لا يرى العذاب ؟