الشعر

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

الشعر بينه وبين المال خبز وملح , وفي كل خبز وملح تواطؤ ما ,فشعراؤنا الكبار أمثال النابغة ,جرير ,الفرزدق ,بشار ,أبي النواس ,أبي تمام ,البحتري والمتنبي وغيرهم من الأسماء كانت مشاريع استثمارية للسلطة والأغنياء أو بالأحرى خطة خمسية لتعميم شخص ما وإنتاجه على ما يحلو للعامة من أطيب فاكهة للسمع. يمكننا القول بأن الشعر العربي الذي أغلبه قصائد مدحية عالج طبقة معينة من منظور خدماتي لا أكثر فعلى سبيل المثال لا نرى في الشعر مشكلة التباين الطبقي إلا عند طائفة من الشعراء سميت اصطلاحا الصعاليك. وعند تصفحك لأي ديوان شعر قديم تراه يضج بطقوس احتفالية تخص الطبقة العليا رثاء أمير, قائد, تهنئة بمناسبة وغيرها من طقوس العزف على مرض هذه الطبقة الذي يسمى جنون العظمة.

هل كان الشاعر يدرك اللعبة ويفهمها جيدا لذلك أبقى نفسه بمعزل عن تناقضات الحياة الاجتماعية والسياسية فمثلا شاعر كابن الرومي لم ير في ثورة الزنج إلا أنهم أحرقوا البصرة وهجموا عليها كقطيع من الليل دون الأخذ بأسباب تلك الثورة الاجتماعية والاقتصادية , وشاعر كأبي النواس من جهة يرد على الحسن البصري وأتباعه من المعتزلة التي تسيدت علم الكلام بخطابه الشهير :

لا تحظر العفو أن كنت امرأ حرجا فإن حظركه في الدين إزراء وقل لمن يدعي في العلم فلسفة حفظت شيئا وغابت عنك أشياء

ومن جهة أخرى ومن خلال فهمه للعبة شطرنج الوصول يخاطب هارون الرشيد قائلا: وأخفت أهل الشرك حتى أنه لتخافك النطف التي لم تخلق , فاللعبة لم تتوقف وإنما كانت دائما محتدمة فالمتنبي منذ قصيدته الدينارية التي أخذ عليها دينارا واحدا وهو يدرك أن القصيدة بحاجة للكثير من البرافو من الأسياد لكي تتنفس في عالم الحقيقة أليس هو القائل :

فلا مجد في الدنيا لمن قل ماله ولا مال في الدنيا لمن قل مجده

فالعلاقة متبادلة بين المادح والممدوح كلاهما يعمم الآخر فالشاعر يعمم الممدوح كنموذج اجتماعي وسياسي وهنا يتحول إلى بوق أعلامي أومحطة خاصة تمجد وتهلل ليدخل هذا التمجيد والتهليل ضمن سجل العائلة , والممدوح يعمم الشاعر كنموذج يحتذى بطريقته الفنية والأسلوبية وبالتالي يتحول الشاعر إلى جسر من الكلام يعبره شعراء آخرون للوصول إلى ذات الموقع وهذا ما أوقع شعرنا العربي بالتكرار والنمطية والدوران في دائرة مفرغة فابتعدت القصيدة عن التكثيف الشعري لتقع في فخ المطولات والتي هي غالبا تعبير عن اسم مدجن. على حد قول جبران "كان الموهوب في الماضي يفاخر بخدمة الملوك أما اليوم فأنه يدعي خدمة المساكين" .

الشعر هو الوسيلة الاعلامية الأكثر

انتشارًا في عالم العرب منذ الجاهلية
و لحد هذا اليوم فبالرغم من زيادة عدد
من يعرفون القراءة والكتابة بين العرب
إلا انه لم يتغير الحال وظل الرواة من
مروجي الغيبيات والخرافات والخوارق
هم وسائل اعلام العقل العربي
السلاطين ازدادوا عددا وأشكالا
وتعددت مناصبهم طولا وعرضا وانخفاضا
وكثر الطلب على الدلالين والمداحين ومنظمي الكلام
أهم شعراء العرب البارزين في العصر الحديث
قضوا جل حياتهم بعيدًا عن بلادهم وعن سلاطين بلادهم
حتى لا يطولهم سياف السلطان بحربته الجاهزة لقطع الرؤوس
انه زمن السلاطين و عودة الى زمان الترللي
كان هناك في السابق شعراء قتلهم شعرهم
واليوم تقتل التفاهة الشعر
مسموح لك ان تخطئ في استقامتك
ان تخطئ في مصداقيتك
ان تخطئ في شرفك
ان تخطئ في وطنيتك , ان تبيع نفسك ببعض الفضة
ولكن الويل اذا أخطأت بتشكيل آخر الكلمة
"المهم ان تضبط قواعد اللغة العربية