الطبقة الوسطى

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
ملف:Amphora seduction scene.jpg

الطبقة الوسطى طبقة شرموطة في المجتمع تشعر أنها فقيرة، في حين تزداد الطبقة الفقيرة فقرًا اعتادت على ترداد عبارة بعينها "انا مهددة بالانحسار"، بحيث تقدم ذاتها كما لو أنها دوماً في وشك زوالها. هذه العادة، هي عادة راسخة، لا تستطيع أن تقلع عنها، وهذا، فعلياً، ما يجعل موقعها في الثورات إشكالياً ومتفرجا من البالكونة. فربما، أول ما يخطر في البال حين الوقوف على تلك العبارة "انا مهددة بالانحسار" ، هو التساؤل عن الطرف الذي توجهها الطبقة إليه: على أي مسمع تردد أنها مهددة بالإنحسار ؟ الجواب واضح طبعاً، إذ إنها لا تتحدث للثوار بل تتحدث مع النظام ، التي ترتفع فوقها فالعين لا تعلو عن الحاجب، بحيث تخبرها بقرب انحسارها، لكي تنتبه إليها، ولكي تعمد إلى صيانتها، أي، وبمعنى آخر، تضمن مصالحها.

بالتالي الطبقة الوسطى تهدد النظام الحاكم بانحسارها، الذي، وفي حسبانها، إن حصل، سيؤدي إلى غياب ذلك الوضع الذي لا تتوقف عن المطالبة به، والذي يؤلف بغيتها الأساس، أي الاستقرار. فالطبقة الوسطى تقول للنظام انها مهددة بالانحسار، اي أنه مهددة بغياب الاستقرار، وفي النتيجة، لا بد له من المضي الى الحفاظ عليها.لكن، وعلى عكس ما يعتقد أصحاب ذلك المنطق , غياب الاستقرار هنا لا يؤدي بالضرورة الي الفوضى، إنما بأمر آخر، مختلف تماماً، وهو صعود البروليتاريا والناس اللي تحت. فالطبقة الوسطى، ومثلما هو معلوم، تخفي الطبقات تحتها، اي الطبقات الأكثر واقعية، بحيث أن من يريد أن يحضر منها في فضاء الطبقة الوسطى ، لا مناص له من الظهور على شاكلتها، التي تتعلق بطريقة أزيائية بالمشي جنب الحيط وقول ياربي سترك.

من هنا، حين تهدد الطبقة الوسطى مثل القحبة نظامها بالانحسار بدلا من النزول الى الشارع مع الثوار ، فانها ترفع ساقيها لقضيب النظام وتقول إنها، وفي حال لم تقم بحمايتها، ستفلت البروليتاريا من عشوائياتها، ولن تعود خاضعةً للشلوت . وبالتالي، ستحضر في الفضاء اياه، ستجتاحه على ما هي عليه لكي تسترد كل المسلوب منها. على هذا النحو، الطبقة الوسطى تهدد النظام بالبروليتاريا، تبتزه بها مقابل ضمانه لها، فتهديدها له بانحسارها يعني انها توحي له بانسحابها من أمام البروليتاريا، وتركها لها في مواجهته. وهذا، في الواقع، ما لا تقدر على فعله البتة، لأنها، ولكي تحقق معناها، لزم أن تكون في موقعها، في الوسط، بين الاثنين، ففي حال لم تكن فيه، فهذا يشير إلى كونها انكسرت.

لا تقلع الطبقة الوسطى عن عادتها التهديدية حيال النظام في الثورة، بحيث أنها، وحين تلتحق بها، فلتبتزّه بها، بكونها بروليتارية، وفي الوقت نفسه، لكي تطمئنه إلى كونها تحاول معيرتها. بطريقة أخرى، تقول له: "هذه ثورة البروليتاريا التي تهددك، وها انا انتقل إليها لمعيرتها من أجلك، لكنني قد انحسر، وعندها، ستودي بك". وفي النتيجة، ولكي يحافظ على نفسه أو على بقاياه بالأحرى، ما عليه إلا أن يحمي هذه الطبقة الوسطى، ويمتّنها، بحيث يعود عبرها، مبتغياً القبض على الثورة، أو إيقافها .