باسل الأسد

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

باسل حافظ الأسد (1962 – 1994) الرائد الركن المهندس المظلي ، صاحب أطول لقب معروف في سوريا الحديثة، ابن الرئيس الملك ، الملك الرئيس ، ولي العهد ، صاحب اللقب الذهبي . ولد وفي فمه ملعقة ذهب، وقضى في حادث سير، وقد غُمَّ سبب موت باسل، وعدل اسمه فصار مصدراً ؛ الباسل ، في الصحف السورية ، عُتّم تماماً، لأن شرف الموت في حادث سير أدنى من شرف الموت في المعركة، كنا نعلم السبب لكننا لم نسأل ، تواطأنا على الصمت ، وطُوّب شهيداً ثم سيداً للشهداء في حادث سير، وقد تلي عليه قرآن كثير، ولم يكن مألوفاً أن يتلى القرآن علناً في قلعة العلمانية، لكنها هيبة الموت ورهبته . أطلق عليه لقب الشهيد، والشهادة وصف جاء به الإسلام لم يكن معروفاً في الجاهلية، وكانت كل الاصطلاحات الإسلامية قد بدلت في أدبيات البعث، فالجهاد صار مقاومة ونضالاً وكفاحاً وأحياناً سعره أبخس: ممانعة، وحلّ نداء الرفيق حل محل نداء الأخ، وبقيت الشهادة لأن العقول البعثية عجزت عن ابتداع وصف مشابه للشهيد من المعاجم، ومثلها الأحزاب اليسارية، فأوصاف مثل الراحل والفقيد لا تجيزها أو تقوم مقامها، وإن اجتهدت في تعقيم الاستشهاد من المعاني الأخروية، كالاقتصاد في ذكر الجنة، أو تجنبها أحياناً، خوفاً من منافسة جنة الدنيا الحلوة الخضرة النضرة وتجارتها، واستعارت عبارات مثل "السلام لروحه" من أديان أخرى، لتحاشي قراءة الفاتحة التي حلّ محلها دقيقة الصمت، وقد شاع مؤخراً دأب إيقاد الشموع، وتلك بدعة مبتدعة .

صاحب اللقب الطويل الذهبي مات في سيارة محصنة بوسائل الأمان هي الأغلى في سوريا كأنها برج مشيد، لكنها لم تحرسه من الموت، صاحب الظل الطويل مات في سباق مع العرش، وتضمر أخبارٌ سبب موته، وهو السرعة وحرق المراحل حتى حرقوا البلد كلها حرقاً للمراحل. اُغفل سبب موت باسل. العقول التي أشرفت على إخراج مسرحية الشهادة طمست سبب الموت، لأنه سبب أقل شرفاً من الموت في الخندق كما ذكرنا، وقيل إنه كان ذاهباً لدورة رئاسية في ألمانيا، ليرث العرش الجمهوري، يتدرب فيها على حكمنا، وعلى حبسنا نصف قرن آخر، في بلاد الغرب الديمقراطية. وذكر لي عالم نازح أن الطائرة التي كان سيسافر بها، كانت مليئة بسبائك الذهب والتحف، وأخبار صحافية مسربة من أوروبا فضحت وقائع تزويجه من سيدة لاستحصال بقية حسابه البنكي في أوروبا، حسب الحيل القانونية التي تجيزها أوروبا، فخسر نصفها. وذكرت صحف أن ثروته كانت ثلاثة عشر ملياراً، وكانت الميزانية الوطنية السنوية ثلاثة مليارات لعشرين مليون فم سوري لا يفتح حتى عند طبيب الأسنان، والأسنان هي الأعمار.

بُكّينا المهندس المظلي وصاحب الظل الثقيل كرهاً، ودموع البصل غير دموع القلب، وعشنا أربعين يوماً مجبرين على الحزن، وكنا سعداء بموت الذي حبس الفارس عدنان قصار لأنه سبقه في سباق الفروسية، والذي حبس سائساً لأن جواده أصيب بالإسهال، كما سرّب لنا قريب للسائس . بموت باسل توقفت الحياة في سوريا، فلا بيع ولا شراء، ولا أعراس ولا أفراح، وسكتت الإذاعة وخرست الدراما أربعين يوماً، وعشنا أربعين يوماً في البرزخ بين الحياة والموت، كان الملوك الفراعنة يصطحبون معهم في موتهم حاشيتهم، فيقتلونها حتى يصحبوا أرواحهم معهم إلى العالم السفلي، وقد قُتلنا قتلاً رمزياً أربعين يوماً، بل أربعين سنة في العالم السفلي. الفارس الذهبي كان ينتزع الجائزة الذهبية بأفراسه الثمينة، في الوطن السوري، فلم يكن الفارس الذهبي يجرؤ على المنافسة خارج الوطن، وتروى قصص عن "سنيدة" كانوا يخيفون أفراس المنافسين الضيوف، وخرج لنا متحدث غير رسمي يسوغ استنكاف الفارسي الذهبي عن مباريات خارج الوطن لأن الأغرَّ وبقية خيوله الأصيلة تعتكر مزاجاً في السفر، وكان الفرسان العرب يأتون على خيولهم براً وبحراً وجواً، والفروسية من الأفراس، ومنها جاء وصف الفروسية والفراسة، نصفها للفارس ونصفها للفرس .