بطل

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

البطل مخلوق لا يولد وحيداً بل يُخلق ويترعرع في ظل جو عام تُلعن فيه اللابطولة وعندما يُنكح الشعب عن بكرة أبيه بكرة وأصيلا مما يؤدي الى ظهور بطل عن طريق إجتثاث الحشائش الضارة منه ، وحقائق سامة أخرى كالجبن ومشاهدة أفلام البورنو والتفاهة والنفاق واللعب على الحبلين والكذب والتبليح . البطولة نتاج لعوامل فكرية واقتصادية وسياسية مؤثرة في تشكيل المجتمع المفعول به الذي يلعب دورا بارزا في رسم ملامح البطولة وتأطير صورتها . يتواجد الأبطال بين الشعوب التي تشعر بالانكسار والظلم والعبودية التاريخية ، شعب ممزق من الداخل ، نفسيا واجتماعيا وثقافيا ومصيريا آثر رغما عنه أن يكون قابعا في بيت الطاعة القطيعية التي ضربها حوله الأبطال الخالدون في طي مزابل خواتيمهم المهلكة المكونة من شعب مبرمج في البكاء والسكوت والمناسف.

مصطلح البطل جاء من الإبطال والإزاحة والمحو السلبي ، فيقال بطل الشيء يبطل إبطالاً ، والبطل هو الشجاع الذي يبطل جراحته ولا يكترث لها ، ويقال للرجل بطل وجمعها أبطال وللمرأة بطلة ، ويقال أيضاً بطل الشيء بُطلاً وبطلاناً أي ذهب ضياعاً إذا لم يؤخذ له ثأر ولا دية . في العراق يستخدم مصطلح البطل كمرادف لقنيبة البيبسي الزجاجية التي كان يحشر في طيز المعارض السياسي حشراً في عهد صدام حسين , بعد السقوط تم تبديله بالدريل الكهربائي لإحداث الثقوب في الجمجمة . يمكن العثور على الأبطال في مسلسلات رمضان حول تحرير القدس من اختراع مؤلفين عرب وبإشراف مال عربي حيث يصفق الجمهور طويلا للبطولة العربية الكاذبة لأن القدس تنتظر بطلا بمواصفات أقل من مواصفات هذا البطل فلو جمعنا أبطال الأكشن الرديئين في الدراما العربية وأحضرنا مخرجا رديئا يحركهم وفلتناهم جميعا على حدود القدس لتحررت المدينة السليبة في نصف ساعة فقط لأن من مزايا بطل الأكشن العربي أنه لا يموت أبدا وإذا مات فسيموت بعد أن ينجز المهمة . البطل لا يقهر ونحن مقهورون كل يوم ، في كل زاوية وفي كل خرم طيز مقهورون.

يخرج البطل من مهبل كيان إنساني مُهمش في حاضرة الإنسانية المعاصرة ، طواه بطش العزلة وعاث به الأقوياء بلا رحمة وترك مسجونا في أقفاص مظلمة من الكفاح اليومي المرير وراء القوت والخبز والوقود وأكاذيب النضال المزيف . سُحقت أوطان وتلاشت شواهدها وحدودها بفعل ذلك الجنون الذي يتلبس روح الأبطال الذين اصطنعوا شرعية بقائهم في السلطة عبر الكم الأسطوري من طأطأة الجماهير والتقعر الأيدلوجي للنخب التي تدعي الأصالة والوطنية وتفرض على وجودنا هبلاً مسطولاً متطفلاً على دفاترنا وقراءة أطفالنا في مدارس الابتدائية، وتجبرنا على السجود للبطل بكل المآذن والتسابيح وخطب الجمعة، ونهض بهذا الإفتراء علماء دين وشيوخ انتهازيون من اجل تبييض السواد الذي يكسو جباه بطل الشعب العربي في موسم ربيع عربي بلا منجل ولا حاصد ولا محصول .

وردت قصة كليب بن وائل في كتاب الدكتاتور بطلا , حيث دخلت الى أراضيه ناقة تعود الى البسوس اخت جساس . قام بتوجيه سهمه نحو ضرع الناقة فقتلها . جاء جساس الى كليب فقتله . كان سبب الحرب رغبة كليب ان يفرض ارادته , والإرادة هي ان تحرك مايقع تحت سيطرتك بحرية كاملة . كان كليب يمتلك جروا بمواصفات معينة , من اهم خصاله ان له صوت من طبقة السوبرانو العالية وكان كليب عندما يدخل ارضا يطلق جروه كي يصل الى ابعد مسافة , كان يقول بعدها : ارضي هي مساحة عواء جروي , اي ان كليب يمنع اي متطفل من الدخول الى تلك المساحة من الارض .

تمتلئ ذاكرة التاريخ العربي بعشرات الشخصيات التي تتغنى بها وتمجدها الحكايات الشعبية، مثل أدهم الشرقاوي وأحمد الدنف وعلي الزيبق ، وهم في الأصل من اللصوص والمجرمين . ويربط بعض الخبراء بين ظاهرة الصعود الشعبي لهؤلاء وتحولهم إلى أساطير لكونها سمة بشرية ، لها جذور رجعية ، وتبحث عن كل ما هو معاد لنظم الحكم الباطشة بشعوبها لتصبح عادة مجتمعية عربية سببت عجز المجتمعات العربية عن رؤية القبح على أنه قبح فعلي . في مصر يوجد موال شهير يُردده الناس منذ قرابة المئة عام يقول:

يا بهية وخبريني يا بوي على اللي قتل ياسين

يتحسر الموال على الرجل الشهم البطل الذي نُسجت حوله بطولات خارقة دفاعا عن حبيبته بهية، وفي أقوال أخرى إن بهية رمز لمصر وياسين الفارس من طيزي الذي يحميها، ما دفع الكثير من الشعراء إلى تقديمه باعتباره نموذجا للشرف والوطنية، وتزخر به الدواوين الشعرية والأغاني المصرية . المثير في الأمر أن ياسين صاحب الموال المذكور لم يكن سوى قاطع طريق ، شقي ، يثير الرعب والفزع في جنوب مصر، وكانت له عشيقته بهية تعمل راقصة، وقُتل، بحسب مذكرات اللواء محمد صالح حرب، بعد سلسلة مذابح نفذها ضد عابري الطرق بواسطة فرقة عسكرية مصرية يقودها صالح حرب نفسه في بدايات القرن العشرين.

البطل لايخضع سوى لإرادته التي تعمل وفق منطقها الخاص كما قام البطل صدام حسين باعدام رفاقه من قيادة حزب البعص بمجرد الاختلاف في الرأي الذي أفسد في الود قضية او الاشتباه بالخيانة , وكما قام البطل جمال عبدالناصر في غرفة مغلقة مع محمد حسنين هيكل بكتابة خطاب التنحي بعد النكسة بمنتهي الذكاء الخارق. الخطاب لم يكن مجرد خطاب عاطفي ، بل خطاب ذو لهجة منضبطة وأهداف معينة, تكلم ناصر كأنه لاحرج عليه ولا مسؤولية ولا محاسبة، ولكنه كبطل سيذهب وسط الجماهير ليناضل معهم . لم يذكر التنحي سوى في آخر الخطاب. لم يكن أحد يمتلك حلا لأي شيء، وطرح البطل الحل الوحيد الممكن في خطاب التنحي . الحل هو أنه سيتنحى، ولكن على الشعب منعي من ذلك , فخرجت التظاهرات من كل حدب وصوب تطالب البطل بإنقاذ شعبه, شعبه الذي لا يستطيع أخذ رد فعل ناحية الهزيمة سوى انتظار مسبب الهزيمة.

الأبطال الذين أنجبتهم الآداب والفنون والإعلام هم أكثر عدداً من أولئك الذين أنجبهم الواقع . وحتى عندما يخرج من الواقع بطل حقيقي ، نراه يُوجَّه فوراً إلى ورشة الآداب والفنون لتضع لمساتها على حلته كما يشترط المجتمع أو يتوقع

مارس 19, 2024 05:15 , بإنتظار البطل

لا بد من وجود البطل | حاجة اجتماعية | ملء فراغ لا يمكن لغيره أن يملأه | يتغلغل في عقل الإنسان منذ طفولته | صاغهم الخيال للأطفال فلقوا القبول من الكبار| الوجدان الشعبي لا يبدو مكترثاً بالحقيقة التاريخية للبطل

مصنع بيضيبيديا لصناعة البطل الوهمي في زمن اللابطولة , أكتب نوع البطل الذي تنتظره هنا


مصدر زهو المجتمع | بطل حقيقي | بطل من نسج الخيال

أحوال كوكب الأرض ما يسرش عدو ولا حبيب ولا حتى عمرو أديب , الناس لا تعطيك الاحترام الذي تستحقه والثقافات الشعبية تُمجد القتل باعتباره عملا بطوليا وتعيد تسمية أعمال البلطجة على أنها رد للحقوق , سنجعل منك بطلا


الكثير من الأشقياء تحولوا إلى نبلاء في ظل ماكينة التراث الشعبي الغير الملتزمة بمنهج ما . الخارجين عن القانون يحظون لأمر ما بإعجاب العامة في عصرهم ، ويتعاطفون معهم ويشيدون بأفعالهم، ولأمر ما تُؤثر عن هؤلاء نوادر وحكايات وبطولات وهي محط مبالغة وتضخيم. اشتهر في التراث العربي الكثير من اللصوص العظام الذين أحبهم العامة ونشروا عنهم الأعمال الخارقة. ومن هؤلاء لص بغداد الشهير بابن حمدي ، وتسميه بعض القصص الأخرى بأحمد الدنف ، ويحكى عنه أنه كان إذا قطع الطريق لا يتعرض لأصحاب البضائع البسيطة أو المتواضعة وكان رحيما بهم. كما اشتهر من اللصوص علي الزيبق الذي يقال إنه عاش في بغداد زمن الخلافة العباسية وأحبه الناس باعتباره بطلا .

إذا تعذر أو تأخر ظهور المنقذ اخترع الناس بطلا من الخيال . هُناك اهتمام عظيم لدى العالم العربي بمُخترقي النُظم والخارجين عن النظام العام ، خاصة إذا كانوا يتصفون بالقوة الجسدية والإقدام. ويرى البعض من الخبراء أنه لا يمكن حصر الإعجاب الشعبي باللص والمجرم عند العرب وحدهم، لكن هذه الظاهرة سمة أكثر شمولية، فهي لدى جميع البشر وفي مختلف الحضارات ، مثل الفلاح السارق ست أبا في العصر الفرعوني، وروبن هود في العصور الوسطى بأوروبا.

الالتفاف حول شخصية البلطجي يمكن ملاحظته في التراث الفلسطيني , فثمة حكايات مشابهة عن بطلين اسمهما أبوجلدة و العراميط ، وهما من الشخصيات الشعبية ، واعتبرهما التراث من المجاهدين ضد الإنجليز ، حتى شاعت مقولة شعبية تقول "أبوجلدة والعراميط ، ياما كسروا برانيط" ، ما يعني أنهما قهروا المحتلين الأجانب . وشاع أنهما كونا عصابة لسرقة الجيش المحتل خلال ثلاثينات القرن العشرين ، ما دفع التراث الشعبي لتأليف أغان عديدة عن بطولاتهما . عصابة أبوجلدة و العراميط لم تكتف بسرقة الإنجليز، إنما امتد عملهما إلى نهب الإقطاعيين والأثرياء التابعين للدولة العثمانية . ورغم نهاية قصتهما بما يشبه نهاية ياسين و بهية في مصر، وقبض عليهما ونُفذ فيهما حكم الإعدام، إلا أن الناس أبت وصفهما باللصوص ، ونسج الخيال الفلسطيني عنهما حكايات أسطورية.

الشعوب، خاصة العربية ، ترفض الرواية الرسمية حول مشاهير الإجرام بسبب عدم ثقتها في الكلام الصادر عن السلطة . تبدو أي حكاية معاكسة للحكاية الرسمية أكثر قبولا من الحكايات الرسمية ، حتى لو كانت غير منطقية, فالجمهور لا يتعامل مع المنطق والعقل بقدر ما يتعامل مع فكرة عدو عدوي صديقي . تعظيم البعض لتلك النماذج العنيفة أو الخارجة عن القانون ، في مصر مثلا ، يرجع إلى كونها دولة مركزية منذ القدم ، ما يعني أن سلطة الحكومة غاشمة ، لذا يتعاطف الناس مع من دوخوا تلك السلطة ولو كانوا مجرمين نكاية في السلطة.

يعتقد البعض من المثقفين العرب ، أن تغلغل الفكر الجاهلي أدى إلى استبعاد الشعوب لأي مناهج موضوعية لتعظيم شخصية ما أو إدانة شخصية أخرى. السبب الرئيسي في جعل المجرمين أبطالا هو استمرار نمو الفكر القائم على تمجيد الحرب لا السلم فمفاهيم الجاهلية مازالت تؤطر الثقافة العربية وليس أدل على ذلك أننا نحتفي بأشعار عمرو بن كلثوم ، وعنترة بن شداد التي تُمجد الثأر والقتل.

لا يوجد خيال ينبثق من العدم ، الناس يلجأون إلى إضفاء هالة من البطولة المجتمعية على من يبطش بالذي يظلمهم حتى لو كان سلوك هذا البطل يتسم بالمنيكة ويُلقى الكثير من اللوم على الأدب والفن والتاريخ لأنها أحيانا تلعب دورا مقصودا في قلب الحقائق وأعاد البعض من الأدباء عرض شخصيات حقيرة شهيرة ، في محاولات لتقديمها بشكل مُحبب ، ما دفع بالجمهور البعيد بطبيعة الحال عن الثقافة العميقة ، إلى اعتماد ما ذكره العمل الأدبي أو الفني أنه حقيقة. ذلك النهج استمر على مستوى المؤسسات ، ما دفع بوزارات التعليم إلى تدريس قصص خالد بن الوليد قاتل مالك بن نويرة بسبب عيون ارملته ليلى وموسى بن نصير الذي وضع السوط على رأس طارق بن زياد إذلالا وتذكيرا له بأنه ليس عربيا باعتبارهم أبطالا وشخصيات مثالية.

رغم بعض الجهود الملحوظة في محاولة إنقاذ الغابات في مدغشقر عن طريق صلاة الإستسقاء هناك حاجة ماسة لقيام المؤسسات المعنية بالثقافة في العالم العربي بمراجعة التراث الشعبي في كل بلد والعمل على تشجيع مبادرات لتصحيح التاريخ والالتفات لحكايات أخرى غير البلطجة والمنيكة وإيجاد نماذج جديدة للبطولة في العلم والفكر والإبداع.

لا يوجد عدد كاف من الأبطال الذين يعملون كجواسيس للموساد من أمثال المرحوم البطل الملك الحسين بن طلال ، هناك طريقة يمكنك النهوض بها يا بطل ، ضع بصماتك على العالم من أجل الخير ، والحصول على لقب رائع حقًا ، وكتأثير جانبي إضافي ستزداد فرصك مع الستات ، يمكنك دائمًا محاولة الترشح للرئاسة لتكون زعيما عربيا ، لكن سوف لن يضيف هذا الكثير لتاريخ الإنسانية , إنسى ذلك الأمر وليكن لديك أحلام أعظم ، باختصار ، أنت ، يا صديقي ، مادة خام مثالية للبطل المنتظر ، سوف نوضح لك كيفية الصعود للبطولة:

هذه قائمة غير مكتملة بأدوار البطولة ، ساهم معنا في إثرائها!