تشي جيفارا

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

إرنستو تشي جيفارا (1928 - 1967) الطبيب الذي ولد أرجنتينيا وعاش كوبياً وتم إعدامه بوليفياً ، بعد أن ألقت المخابرات المركزية الأميركية القبض عليه، بعد عودته من الكونغو الإفريقية ، عام 1965 ، حيث ذهب يناضل بين صفوف ثوارها، مغادراً الأراضي الكوبية ، بعدما أسهم في نجاح ثورتها ، وشعر بأنه أنجز ما يرضي ضميره الإنساني ، وعليه أن ينجز مهام أخرى ، خارج أمريكا اللاتينية . غيفارا هو بمعايير زماننا المقلوب إرهابي ، وبالتالي من الممكن أن يطالب بتسليمه ومحاكمته ، بتهمة مقاومة الاستعمار الذي خطف وطنا وقتل شعبا ، وصادر الحياة لصالح المحتلين الغزاة. من السخرية أن الرأسمالية التي قضى غيفارا وهو يحاربها، حولته من أيقونة ثورية إلى سلعة رائجة، تحقق المال الوفير عبر طباعة صورته على القمصان والملصقات والسيارات، وتُسمّى باسمه أنواع السيجار والقبعات والمطاعم والمقاهي والبارات والكافيتريات السياحية.

ليست تلك اللحية الكثيفة التي ميزت وجهه هي ما يمكن الاستناد إليه في اتهام إرنستو أرنستيكو غيفارا ديلاسرنا ، الشهير باسم تشي جيفارا بالتأخون والتأسلم ، ذلك أنه لو كان على قيد الحياة بيننا، في هذا الزمن المجنون ، لكانت كل أفعاله تهماً وجرائم تستوجب وضعه على لائحة الإرهاب . كان ذلك المناضل الشيوعي العتيد مع الثورات ، أينما هبت ، ومع العدل وحقوق الإنسان ، حيثما انتهكت . بكل المعاني كان ضد كل ما يمثله الطغاة الصغار ، كعبد الفتاح السيسي وبشار الأسد و خليفة حفتر ، ومن ثم لو كان بيننا الآن لوجد نفسه ممنوعاً من السفر، موضوعاً على قوائم الإرهاب، مطلوباً لـ اللاعدالة، كما يراها معاتيه اليمين المتطرف في كل مكان بالعالم.

في مدينة الزقازيق المصرية، أمام مقهي تشي جيفارا في منطقة القومية (اسم آخر صار يثير السخرية المُرّة) ، في مساء الخميس 30 مارس 2017 المشهد تجمع مئات الشبان ، حول شيء أو شخص غير ظاهر، ثم إتضح من الأخبار أنها فتاة، طالبة في التاسعة عشرة من عمرها، كانت عائدة من حفلة زفاف لإحدى صديقاتها، حين قرر أحد الشبان أن يتحرش بها لفظياً، قبل أن يمد يده إلى جسدها، ولم تفعل استغاثتها إلا أن جذبت العشرات ثم مئات الشبان والمراهقين الآخرين، تتراوح أعمارهم بين 14 و19 عاماً، مرتكبين واقعة جديدة من وقائع التحرش الجماعي المتكررة في العقد المصري الأخير.

لو عاد جيفارا لوجد نفسه مصنفاً ضمن قوائم الإخوان المسلمين، مدرجاً على لائحة الكيانات الإرهابية ، مثله مثل محمد أبو تريكة ، والاشتراكيين الثوريين و6 أبريل وثورة يناير ، وكل من لا يلتزم بنصوص الطغيان والاستبداد، ويبدي ألماً على الدماء المهدرة والبلدان النازفة، بفعل العصابات الإجرامية التي تحكم ، وفقاً للكتالوج اليميني المتطرف . كان من الممكن أن يصبح جيفارا على رأس قائمة إرهابٍ تجمعه بأحلام عهد التميمي ، الفلسطينية المحررة من الأسر وراشيل كوري ، الأميركية المقتولة تحت جنازير جرافة إسرائيلية في فلسطين المحتلة عام 2003 ، وهي تتصدى بجسدها للجرافات التي جاءت تهدم بيوت أهل البلاد الحقيقيين ، ظناً منها أن الجندي الذي يقودها سيتوقف ، حين تقف أمامه بجسدها ، عزلاء، إلا من ضمير إنساني سليم، وإيمان بحق الشعوب في الحياة والأرض والوطن.

قبل استشهاد راشيل كوري على أرض فلسطين ، كتبت لوالدتها تقول

كل ما أردته هو أن أكتب لأمي ، لأقول لها إني أشهد هذا التطهير العرقي المزمن وخائفة جداً ، وأراجع معتقداتي الأساسية عن الطبيعة الإنسانية الخيرة . هذا يجب أن يتوقف . أرى أنها فكرة جيدة أن نترك كل شيء ونكرّس حياتنا لجعل هذا يتوقف . أشعر بالرعب وعدم التصديق ليس هذا أبداً ما أتيت من أجله إلى هذا العالم. ليس هذا أبداً ما أراده الناس ، عندما أتوا إلى هذا العالم.

تشي جيفارا بمعايير ترامب والسيسي ونتنياهو إرهابي حمساوي يستحق المحاكمة، وربما الإعدام، في عالم صار يعتبر مقاومة الاحتلال جريمة ، والثورة على الاستبداد جريمة أشد ، ويكافئ القتلة ويحتفي بالطغاة ، ويدعمهم بالسلاح والمال وشحنات الوقود. تشي غيفارا غادر بلاده أول مرة عام 1954 ، ليقاوم ضد الانقلاب العسكري الذي نفذته المخابرات الأميركية في غواتيمالا ، هو إرهابي إثاري ، أو على الأقل متعاطف. كل من يناهض انقلاباً، ويتصدّى لثورة مضادة ، يقودها جنرالات مطيعون ، هو من الإرهابيين الذين يزعجون هذا العالم .