ثورة 23 يوليو

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

ثورة 23 يوليو ثورة مؤلمة سوداء مشؤومة حصلت في سماء مصر وأخذت المنطقة نحو مجاهيل الاستبداد والحكم العسكري الفردي المطلق والانقلابات العسكرية و تفشي ظاهرة الأنظمة القومية العسكرية البوليسية الفاشية العربية التقدمية التي قادت شعوب المنطقة نحو كوارث لا مخرج منها . في 23 يوليو 1952 قام جمال عبد الناصر بعملية سطو مسلح واغتصاب غير شرعي للسلطة وبالقوة العسكرية ضد الملكية القائمة، رمى بعدها، وبعد تمكنه، بكل زملائه في السجن وعلى رأسهم المشير محمد نجيب، وكان عهده المشؤوم فاتحة لسلسلة من الهزائم والنكسات المتتالية التي أدخلت مصر وشعوب المنطقة معها لاحقا في حقب الوهبنة ونفق الأخونة والسلفنة والتعريب وأسس لإدخال أنماط الحكم التسلطية القهرية الفاشية البوليسية المخابراتية القمعية

فتح ثورة 23 يوليو أبواب السجون والمعتقلات وإلغى الحياة السياسية وعطل الحياة البرلمانية ووقف العملية الانتخابية النزيهة والحرة وقضى على التعليم وتحييد القضاء وزج الأحرار بالسجون والمعتقلات وهجر النخب وأجهز على المجتمع المدني وشطب الطبقة الوسطى وحل الأحزاب السياسية وحظر نشاطها وكرس صورة الزعيم القائد الأوحد وروج لعبادة الفرد وأسس لفكرة تأبيد القائد في الحكم كزعيم لا ينازع وهذا ما كان في مسرحية التنحي الهزلبة عقب دحر جمال عبد الناصر وهزيمته عسكرياً في العام 1967 بعدما فكك الجيش وأضعفه وصار محاطاً بحلقات من الجواسيس والمرتزقة، كل هذه، إضافة لإفقار الشعب والغلاء والجوع والانفجار السكاني وانهيار الاقتصاد وتعطيل التنمية والانشغال والتدخل بالقضايا الخارجية ، حيث تم من خلالها القضاء على الجيش الوطني المصري عبر الفخ الذي نـُصب له بالتدخل بحرب اليمن تحت شعارات الاستعراب القومجية البراقة الكاذبة حيث قـُتل عشرات الآلاف من نخبة الجيش المصري تعرضوا لعملية فناء وإبادة حقيقية على يد هذا الدكتاتور النرجسي وكانت النعوش ترد لمصر يوميا بالمئات دون أن تهتز فيه شعرة أو يرف له جفن بل كان يتباهى بتلكم الانتصارات وزهق الأرواح التي ترضي غروره ونرجسيته القومية والعروبية الفارغة.

حينما سطا العسكر على مصر كان الجنيه المصري يساوي 3 دولارات أمريكية وكانت مصر تتربع أولاً على مؤشرات التنمية والشفافية والحريات واحترام حقوق الإنسان وكانت مصر تتقدم على نمور اقتصادية ككوريا الجنوبية، وكانت تعيش أزهى أيامها الليبرالية، وشهدت نهضة عمرانية باهرة كانت القاهرة تضاهي شوارع باريس وفيينا ولندن وسطع يومها نجوم خالدة لن تتكرر في عالم الموسيقى والغناء والسينما والتمثيل والمسرح بحيث احتلت مصر لقب هوليوود الشرق فيما عرفت بأيام الزمن الجميل وكانت قبلة للمبدعين والفنانين وموئلاً للمضطهدين والفقراء والمهاجرين من كل دول العالم من جحيم الظلم والفقر والاضطهاد والتمييز، غير أن السياسات الشمولية والفاشية والقمعية التي قادها العسكر في محاولة محاكاة طغم الفاشيست من ستالين لموسوليني لهتلر وتقمص للإيديولوجية الفاشية العروبية الاستئصالية القبلية الإقصائية كانت كفيلة بإعادة مصر إلى العصور الحجرية البدائية السحيقة الظلماء وتم بعدها تفتيت هذه الدول وضرب وحدتها الاجتماعية وتمزيق النسج الاجتماعية فيها وتفجير الصراعات الإثنية والعرقية والطائفية في عموم الإقليم الذي تحول لجغرافيا هشة ضعيفة مفككة ودول عاجزة وفاشلة ومنهارة على صعد عدة.

ساعد نظام حكم جمال عبد الناصر في نقل تلك الجرثومة والفيروسات الفاشية التسلطية إلى دول مجاورة تنازع اليوم بين البقاء والموت في عموم الإقليم، كما كانت سياساتة العروبية القومية الفاشية الظلامية الرجعية الكارثية سبباً في صعود وتسعير الفاشيات والأحزاب الدينية والمنظمات الإرهابية بعد عقود من الضخ والدعاية الفاشية العروبية الظلامية أصبح الإقليم بموجبها حاضنة لكل منظمات الإجرام والتكفير بالعالم ما أدى عملياً لانهيار الدول الوطنية الناشئة بفعل اتفاقية سايكس بيكو في المنطقة التي أعادت رسم خريطة دولة الخلافة المنهارة وتقسيمها على أسس حداثية وعصرية ألغاه الخطاب القومي العروبي الفاشي التقليدي وقضى بموجبه على الدولة الوطنية الوليدة بشكلها السايكس بيكوي عبر طرح الأنموذج الشمولي المركزي الوحدوي الاندماجي الرعاعي الغوغائي الفاشل الذي قضى على مشروع وفكرة الدولة الوطنية المستقلة. لتنكس الأعلام وتكتسي دول الإقليم وشعوبها وتتشح بالسواد حداداً على شعوب ودول المنطقة الكليمة المنكوبة الجريحة الجائعة والمفلسة في يوم 23 يوليو الأسود الكئيب الحزين يوم سطا العسكر على الحكم بالقوة في مصر حين كانت فعلاً أم الدنيا أيام الزمن الجميل.

في 23 يوليو 2019 احتفلت سفارة مصر في إسرائيل بثورة 23 يوليو، بحضور رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، كما أعلنت وزارة خارجية إسرائيل عن مشاركتها في العيد الوطني لمصر (ثورة يوليو). بثت الكلمة وسائل إعلام إسرائيلية عديدة، بينما لم تذكر وزارة خارجية مصر، أو أي من وسائل الإعلام المصرية، كلمة واحدة عن الحفل. وهذا مبرّر ومفهوم، بحكم أننا لا نعرف أخبارنا إلا من الغير، وبحكم أن هذه الأخبار غير مرحّب بها إلا من قلة من أنصار التطبيع، بينما احتفت إسرائيل وتعاملت مع الواقعة بفخر.

في مصر مبكياتٌ كثيرات، تساق للضحك على الذقون . كيف لنا أن نصدّق واقعة احتفال رجال إسرائيل بذكرى دولة يوليو ورجالها ؟ هل تغير موقف إسرائيل التي مدّت وما زالت تمد خيوط العداء لمصر؟ هل توقفت أطماعها في السيطرة والهيمنة على المنطقة العربية ككل؟ كيف نتابع من دون حزن أن يكون المشهد اعتياديا، كما يُراد أن يصوّر لنا، وأن يمر الحفل بهذا الشكل، حتى من دون مواءمة سياسية أو لياقة دبلوماسية وكياسة، حتى في التصرف، تراعي المنطق؟ وكيف نضع هذا المشهد ونقبله بجانب مشاهد أخرى تتحدث عن خيانة المعارضين، وأنهم جزء من مؤامرة تحاك ضد مصر، عملاء لأجهزة دول معادية؟ أي دول التي يتحدثون عنها، وهم يحتفون مع أكثر الدول إجراما وانحطاطا وعداء لمصر تاريخيا؟