حائط
الحائط في كل زمان ، هو معنى ذلك الزمان , فقد تبتهج الحيطان حينا ، بصور الانتصارات ونشر الإعلانات المبشرة بمنجزات ، وقد تئن حين تعلق عليها صور اللافتات السوداء حين يودع الناس أحبتهم ، صرعى أو شهداء أو ضحايا التفجيرات والموت الذي يطال الكثير من المدن المنكوبة . قد تفرح الحيطان حين تلون وتطلى بالزيت معلنة عن منجزات في الطريق إلينا ، وتعج بصور الوجوه التي تعلن عن نفسها للانتخابات المقبلة ، مزدانة بسلسلة وعود وشعارات ، وعبارات كاذبة تستجلب عيون المارة التي قد ترى فيهم حينا أملا أو لعنة مقبلة ، أو هي تستثير في الناس ما يحفزهم على الشتم والبصق على وجوه السراق والفاسدين الذين يستعطفون المارة ، لأربع أو خمس سنوات قادمة، ليحكموهم .
للحيطان مواسم تشح فيها المساحات ، وتعز على محتاجينها الواجهات حين تنفق عليها الملايين من الدولارات ، وتعلق عليها الآلاف من الصور، وتحتشد فيها الوجوه ، والصور والنقوش ، والشعارات ، وتتبارى الألسن ، وتحفز الناس ، أو تستثير أساهم أو ازدراءهم ، أو تعاطفهم أو استثمارهم حين يجبرون التحديق بوجوه المعلنين في السياسة والتجارة أو بضائع تروج بأموال طائلة . قد تختفي كل تلك الإعلانات ، وتعود الحيطان لصمتها وهدوئها وعدميتها بعد أن ينتهي بازار السياسة وتباع الأصوات وتشترى ، ويدخل المرشحون في صمت انتخابي وتمزق صورهم خلال ساعات ويباع الحديد المؤطر لها ويهجم الفقراء والمعدمون على لوحاتهم ليضعوها فوق بيوت الصفيح ، أو يسّقفون فيها ملاجئهم منعا للحر أو القر أو درءا لتساقط المطر على رؤوسهم ، وإذاك تكون لها فائدة عملية ، في وقت تفرز فيه الأصوات ويذهب البرلمانيون الفائزون إلى أروقة رخامية تحت ثريات باذخة ، ويكونوا نجوماً بعد أن انتزعوا الأصوات من حيطان المدن المنسية وخدعوا الفقراء والمعدمين بإعلاناتهم الباذخة.
قد يتوارى أولئك الخاسرون , فلم تشفع لهم الحيطان التي أجّروا مساحاتها الباهظة ، إنها لعبة المواسم في تاريخ الحيطان، التي أضحت واجهات تحاصر الناس بالصور والتصورات ، وتبتز عواطفهم وقد تثير غضبهم ، لكنها تتوارى بعد حين خلف مواسم الصمت الانتخابي أو بيع المنتج ، وانتفاء الحاجة لاستدرار عطف الجمهور المُعلن له لاستدراجه واستمالته، وتبقى النصيحة الذهبية المكررة ، إن للحيطان آذان .
هذه المقالة عبارة عن بذرة تحتاج لإضافة الكثير من الحقائق الموجعة و المضحكة فساهم في إثرائها بالمشاركة في تحريرها. |