محمد حسني مبارك

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
(بالتحويل من حسني مبارك)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

محمد حسني مبارك ... نهاية رجل امريكي

فترة الحكم 14 أكتوبر 1981 الى الابد .. ماحدش يصدق انه اتنحى
الرئيس الذي سبقه محمد أنور السادات
الرئيس الذي لحقه الراجل اللى واقف ورا عمر سليمان
تاريخ الميلاد 4 مايو 1928
مكان الميلاد كفر المصيلحة ، مصر

محمد حسني مبارك (1928 - 2020) صاحب دكان اعطاه لابنه جمال ليجعله سوبر ماركت فكانت النتيجة افلاس كامل . يعتبر حسني وهو زعيم عربي سابق ! صدق أو لا تصدق منار الديمقراطية في العالم العربي بحيث رفض ان يستلم السلطة اكثر من ثلاثين سنة رغم الاحتجاجات العارمة التي طالبت والحت في ميدان التحرير ببقائه في السلطة لثلاثة الاف سنة مقبلة. تألق في عصره شعبان عبد الرحيم فى الغناء بعد محمد عبد الوهاب ، ونبغ فيه سمير رجب بعد محمد حسنين هيكل ، وحلّ فيه أحمد عز مكان طلعت حرب ، واعتلى فيه رئاسة الوزارة أمثال أحمد نظيف بعد أن كان يحتلها سعد زغلول . وبعد أن كان نواب مجلس الشعب من أمثال عباس محمود العقاد ، وبعد أن كان من رجالات الأحزاب أمثال طه حسين و لطفى السيد جاء لنا مبارك بفتحى سرور ونواب الكيف ونواب الفساد والسوق السوداء ، وبعد أن نبغ فى مصر عبقريات قانونية من أمثال السنهورى طفا على الساحة فى عهد مبارك ترزية القوانين أمثال آمال عثمان . نجح مبارك فيما فشل فيه عبد الناصر والسادات . كل من ناصر والسادات كانت له أهداف معلنه ، ولكن واجهتهما تحديات هائلة ففشلا فى تحقيق أهدافهما بينما نجح مبارك فى تحقيق أهدافه برغم التحديات .

التحدى الذى واجهه عبدالناصر هو أن تتزعم مصر بقوميتها العربية واتجاهها الإشتراكى العرب ودول عدم الإنحياز فى مواجهة الغرب و إسرائيل . وفشل مشروع عبدالناصر فى هزيمة 67 . جاء السادات برؤية مخالفة لمصر ، أرادها دولة تابعة للغرب متمتعة بالرخاء والسلام ففشل وقتل . ولم يكن مبارك يتخيل أنه سيكون رئيسا لمصر ، فلما صار رئيسا بالصدفة المحضة شعر بأنه أقل من المنصب واقل شأناومقاما من السادات وعبد الناصر، ولذلك تركز هدف مبارك فى البقاء فى السلطة ليثبت لنفسه ولرفاقه و منافسيه فى السلم العسكرى أنه قادر على البقاء حاكما مستبدا مثل سابقيه . هذا هو التحدى الأول الذى واجهه مبارك ، وقد نجح فيه بدليل أنه حكم مصر مستبدا أطول مما حكمها عبد الناصر ، و السادات .

لم يكن سهلا أن يبقى مبارك حاكما مستبدا لمصر طيلة هذه المدة ، بل كان تحديا حقيقيا تتمثل عناصره فى الزمان والمكان والإنسان . الزمان هو عصر الديمقراطية ، والمكان هو مصر بريادتها و موقعها و ثقافتها ، والانسان هو المثقف المصرى الواعى الذى يصعب خداعه . المثقفون المصريون يزيد عددهم عن سكان بعض الدول الصديقة والشقيقة ولديهم خلفية نضالية فى الديمقراطية ومن الطبيعى أن يرفضوا استبداد حاكم عسكرى من الدرجة الثانية فى عصر الديمقراطية و حقوق الإنسان . ليس مقبولا فى دولة رائدة كمصر أن تظل تحت حكم استبدادى وهى التى شهدت بذور الديمقراطية وتكوين مجلس نيابى فى عهد الخديوى إسماعيل فى بداية النصف الثانى من القرن التاسع عشر ، وهى التى عاشت فترة ليبرالية حقيقية فيما بين 1923-1952 ، وهى التى جاهدت حوالى قرن من الزمان طلبا للإستقلال والدستور أى الحرية من المستعمر والحرية من الأستبداد المحلى .

طبقا للدستور فان مبارك مسك بيده كل الخيوط . ووقفا للتاريخ المصرى العريق فى مركزيته واستبداده فان الاصلاح يأتى من فوق ولهذا أرسل الله موسى الى فرعون و ليس للمصريين . هذا الفرعون قال رب العزة عنه وعن أجدادنا المصريين فى عهده:(فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ ) لم يقل ( فاستخف قومه فقتلوه ) فالمفروض أن الشعب الأبىّ العزيز القوى أن يتصرف هكذا عندما يستخف به الحاكم . المفروض أن الحكومة هى التى تخشى الشعب وليس الشعب هو الذى يرتعب من الحكومة . ولكن مبارك تفرعن وإستخف بقومه.

الطريق الى الدكتاتورية[عدل | عدل المصدر]

أعان مبارك أنه ورث من السادات دستور 1971 الذى يجعل الرئيس المصرى مستبدا مالكا للسلطات التنفيذية و القضائية و التشريعية ومتحكما فى القوة العسكرية والأمنية ، دون مساءلة ، بل أن يظل يحكم طيلة حياته . كما اعانه على قهر التحدى أغتيال السادات نفسه إذ أتاح له استصدار قانون الطوارىء وهو قانون مؤقت كما يدل عليه اسمه ومعناه ولكن استطاع مبارك بملكيته للدولة أن يصنع مجلس شعب يتخصص فى صياغة القوانين التى يريدها و يتخصص أيضا فى تمديد قانون الطوارىء ثم فى النهاية يجعل الطوارىء قانونا أبديا يلاحق المصريين فى الحاضر و المستقبل . لجأ مبارك الى اتباع سياسة من أربعة أضلاع تتداخل فيما بينها وتتقاطع ولكنها كلها مكنته من رقاب المصريين . هذه الأضلاع الأربعة هى الإفقار والتعذيب والتقسيم و نشر ثقافة التطرف والارهاب السلفى .

شجع ثقافة التطرف السلفية ونشرها بالأزهر والمساجد والتعليم والأعلام والثقافة وعمل على إفقار الغالبية المطلقة من المصريين فتتضاءلت الطبقة الوسطى المثقفة والمتعلمة التى تقود التنوير والإصلاح وتركز همها فى النضال من أجل لقمة العيش حتى لا تسقط فى قاع الفقر الذى يتسع ويتعمق مع كل غلاء جديد يحل فى الأسعار . وبإنتشار الفقر وإنعدام الأمل مع سيطرة ثقافة التطرف فلابد من أن يتحول التطرف إلى جماعات إرهاب ، وهنا يحقق مبارك هدفه فى تحويل مصر إلى جبهة داخلية وساحة حرب وقانون طوارىء أبدى ، ويؤكد وجود الدولة العسكرية التى تستخدم البوليس والأمن المركزى كفرقة متقدمة فى حرب الشعب الجائع وتتحول مقرات الشرطة العادية والبوليس السياسى إلى سلخانات تعذيب .

لتخويف المواطنين وارهابهم فلا بد من إعلامهم بما يجرى فى سلخانات التعذيب حتى يحرص كل مواطن على المشى جنب الحيط مبتعدا عن ممارسة حقه السياسى أو الانسانى فى الجأر بالشكوى ، ولذلك حرص النظام على إطلاق جزئى لحرية الصحافة وحركة المجتمع المدنى بل أنشأ مجلسا لحقوق الإنسان ، أى ينشر أخبار التعذيب إرهابا للمواطنين ، وينتحل لنفسه مظهرا ديمقراطيا. بالفقر والأرهاب الحكومى وتبنى الفكر السلفى مع الفساد و الاستبداد نجح مبارك فى تقسيم المصريين إلى أغلبية ساحقة من الفقراء وأقلية ضئيلة من المترفين ، هناك أقل من 25 شخص فى مصر يملكون أكثر من 99 % من الثروة المصرية و يواجهون أكثر من 75 مليون مصرى فقير . بتبنى ثقافة التطرف انقسم المصريون الى جبهتى تعصب دينى بين الأقباط والمسلمين .

مع تقسيم المصريين إلى أقلية حاكمة من الجيش والشرطة ترهب وتعذب الأكثرية الساحقة من الشعب . وحتى السلطة العسكرية والأمنية تنقسم الى أقلية آمرة من كبار القادة والضباط ، ثم أكثرية مأمورة من الأمن المركزى وجنود الجيش . بتجويع الشعب و إفقاره وارهابه وبث الفرقة بين أبنائه كسب مبارك التحدى الأول الذى واجهه وهو البقاء فى السلطة حاكما مستبدا طيلة هذه المدة . وفى سبيل هذا الهدف ضاع الدور الأقليمى والعربى لمصر ، وضاعت كرامة الإنسان المصرى فى وطنه وخارجه ، وتم نهب القطاع العام والثروة المصرية وتجريف التربة المصرية والعقلية المصرية والأخلاقيات المصرية ، وازدهر الفساد والفقر والمرض والتلوث السمعى والبصرى والثقافى والأخلاقى.

السلالة المالكة[عدل | عدل المصدر]

تألفت السلالة المالكة (السلالة السامعين) من الذكور جمال مبارك و علاء مبارك ،علاء هو الأخ الأكبر للأخ الأصغر جمال ، سار بكل ثقة في خط الرجل المناسب في المكان المناسب ، ورفض رفضا قاطعا الإعتماد على المعونات الخارجية ، وكان من أكبر المناهضين للمحسوبية والإنتهازية العائلية ، أما علاء فعرف برغبته الجامحة بفتح المحلات التي يملكها برأس ماله الصغير مما سيسمح ببناء معبر من البحر الأبيض حتى السودان يمر عبر أطيانه الخاصة التي تملكها شبر شبر بعرق جبينه

السقوط اللذي افرح حسني مبارك كثيرا[عدل | عدل المصدر]

في ٢٥ يناير سنة ٢٠١١ ميلادي ، اجتمعت أقلية قدر عددها بأقل بقليل من 16 مليون مواطن شجاع مطالبين برحيل الفرعون الشاب الذي حكم لمدة ثلاثين سنة فقط وجمع ٧٠ مليار دولار من اتعابه كرئيس جمهورية ، لم يكترث النظام الديمقراطي الشعبي الشعبولي لهؤلاء العيال الا عندما عبرت الدول الاوربية و امريكا عن انبعاصها الشديد من الحج مبارك . وكثرت النكت والنوادر عنه حتى اصابه الاكتئاب واتصل به عادل امام معبرا عن استيائه مما يحدث : ده الناس بطلت تضحك علي وصارت تضحك عليك انت) ، وبدون طول سيرة ، ست عشر يوم كانت كافية لتهاوي اقوى نظام فرعوني دكتاتوري بقيت امريكا تحتضنه ل30 عاما مرسلة اموالها له ليبقى الطفل الرضيع المحتاج دوما لها عندما رحل مبارك من قصره سمعه حراسه يغني لل الكرسي وبيقول " ياللي اديت لحياتي بحبك طعم ولون ، مش حتنازل عنك مهما يكون " لكن لم يستطع هذا النظام ان يصمد اكثر ، مع افول يوم ١١ شباط ، اعلن الحج عمر سليمان شيخ الغفر ان الحج مبارك "خلع"  وطلع يكمل مستقبلو ببلاد برة وقد كان هذا الاعلان مأثرا لدرجه ان رجلا كان يقف خلف عمر سليمان وقف متجهما غاضبا وقد كاد ان ينفجر وقد توقعت وسائل اعلام عالمية ان يكون لهذا الرجل دور في المرحله القادمة ... هكذا تنتهي مرحلة طويلة من مسيرة بلد عربي كبير و اصبح الفرعون حنفي الابهة في مزبلة التاريخ .

إعتذار إلى حسني مبارك[عدل | عدل المصدر]

11 فبراير ، ذكرى رحيلك ، إزاحتك من فوق صدورنا ، خروجك من وقتنا ، من أرضنا ، من صمتنا ، من عجزنا ، يوم الخلاص ، يوم رقصنا ، وغنينا ، وفرحنا ، وانتصرنا ، ولو في خيالنا الجمعي المثقل بالهزائم ، والمرارات ، كانت فيروز في اليوم التالي تختال بمنجزنا على حسابات عالمنا الافتراضي ، مصر عادت شمسك الذهب ، المعنى نفسه كتبناه ، وكررناه ، وقررناه ، وصدقناه ، وبدأنا بالتصرف مع الكون من حولنا وفقا له، رحل مبارك ، سقط النظام ، ماتت دولة يوليو ، وولدت دولة يناير ، نقطة ومن أول السطر ، صفحة جديدة بيضاء . ربما كنا نحن أصحاب الصفحة البيضاء، والقلوب البيضاء، والعقول البيضاء، أما أصحاب الياقات البيضاء فكانوا يراقبوننا في ترقب وحذر، ويعرفون وحدهم ما الخطوة التالية ؟ وها نحن أمام محكمة التجربة ، تحكم فينا فنرضى دون استئناف أو نقض، تحيلنا إلى سجون الألم، ومعتقلات الحسرة، ومشانق التأنيب !

الآن، مبارك في بيته ، بالأحرى في أحد قصوره ، على بعد كيلو مترات من قصر الاتحادية ، فيما نحن بين شهيد وجريح ، معتقل ومشرد في بلاد الله ، منا من قضى سجنه، ومنا من ينتظر، فما الذي تعنيه ذكرى رحيل مبارك الآن وقد عاد من رحل ورحل من ظن يوما أنه قد عاد ؟ ربما تعني بالنسبة للكثيرين الغيظ وعض الأنامل ، ربما تعني لآخرين مزيداً من الأمل في الغد ، ربما تعني لأحدهم مزيداً من التهديد المجاني والوعيد بأننا لن نفشل في المرة القادمة ، إن كان هناك مرة قادمة ، لكنها تعني بالنسبة لي : الاعتذار ! , اعتذار واضح ومطول لحسني مبارك ، اعتذار ليس واجبا له لكنه واجب علينا ، ربما لأنه اعتذار "لنا" قبل أن يكون له ، وربما من دون أن يكون له ، اعتذار مسبب ومعلل حتى لا يتصور مبارك ومن معه أنهم استطاعوا أن ينتزعوا اعترافا ممن ثار يوما عليهم، ولم يزل، بأنهم يستحقون الاعتذار !

لا نعتذر عن ثورة يناير العظيمة ، فهي أجل وأعظم عمل في حياتنا ، كما أنك يا سيادة الرئيس تستحقها وأكثر ، بل إنني أعتذر نيابة عمن سبقونا بالنضال اننا تأخرنا ، وكان علينا أن نأتي قبل ذلك بكثير ! ولا أعتذر عن يوم رحيلك فقد كان من أسعد الأخبار التي عايشتها في حياتي ، ومن أسعد أيام مصر المحروسة بأهلها، والمخروسة بسطوة عساكرك، وهيلمانك، إنما أعتذر عن الآتي:

  • أعتذر لأنني تصورت أن سقوطك يعني سقوط نظام ولم أمنحك حق قدرك في الإفساد والتخريب وأدرك أن رجلا مكث في حكم مصر 30 عاما، وسبقه مجرم آخر لمدة 11 عاما، وسبقهما من لا يقل عنهما اجراما وصلفا 16 عاما، كل هذا كان كافيا لتعميق وجود هذه الدولة التي لن تنتهي لمجرد أن رجلا رحل!
  • أعتذر لأنني تصورت أنك الأكثر فسادا بين رجالك ، فيما كشفت التجربة أنك فاسد "تقاوي"، وسط غابة من الفاسدين ، يحمونك لتحميهم، ويستخدمونك ربما أكثر مما كنت تستخدمهم، وأن خلاص هذا البلد الحقيقي لم يكن في اقتلاع شجرتك إنما في حرق هذه الغابة بأشجار غرقدها الخرساء ، تلك التي لا تخبر أي مصري بأن وراءها فاسداً!
  • أعتذر لأنني تصورت أنك "الفاسد الأكبر" الذي يعارضه الشرفاء، فيما كشفت التجربة من بعدك أنك كنت أذكى من أن تترك في المجال السياسي المصري "معارضة حقيقية" وأنك كنت موهوبا في شراء معارضتك وتربيتهم داخل محاضن دولتك الأمنية بنفس درجة موهبتك في شراء الأتباع والمريدين، أعتذر لأنني تصورت أن رحيلك وحده يكفي، فيما كان عليك أن ترحل ومعك رجالك من المؤيدين الفاسدين والمعارضين الأكثر فسادا وانحطاطا .
  • أعتذر لأنني تصورت أنك "لص" نحاول أن نطهر البلاد منه ليحكمها أصحاب اليد الطاهرة والمقاصد الشريفة، ولم ندرك أنك كنت حرامي "باشا ابن باشا"، فيما كان ينازعك على "التورتة" لصوص جياع أبناء جياع!
  • أعتذر لمشايخك من مشايخنا، لقساوستك من قساوستنا، لفنانينك من فنانينا، لطباليك من طبالينا، لسلفييك وإخوانك من إسلاميينا، ليسارك من يسارنا، ليمينك من يميننا، لمعارضتك في الداخل والخارج من معارضتنا، فحتى لو كانت بعض الأسماء هي بعض الأسماء وكل الصفات هي كل الصفات وكان الشخوص هم نفس الشخوص، إلا أن شيئا ما قد تغير بعد رحيلك غير المأسوف عليه، فلا هم هم، ولا نحن نحن، ولا الزمان هو الزمان!
  • أعتذر يا سيادة الرئيس، لعله أول اعتذار لمجرم أثيم، ثبت إجرامه بالأدلة القاطعة، والبراهين الناصعة، كما ثبت بأحكام القضاء النهائية النافذة، لكنها الحقيقية، ما أشد قسوتها، فأين أنت أيها المجرم المراهق من مجرمي أيامنا البالغين العتاة ؟ وأين تجربتنا المتعبة في معارضتك من تجربتنا المرعبة في معارضة أشباههك وخيالاتك وأنصافك وأرباعك وأعشارك المخلصين؟! أعتذر الآن، وأعدك أنت ومن معك بألا أعتذر غدا، ذلك لأنني في المرة القادمة لن أترك ورائي من أعتذرله، والايام بيننا.

قبر مبارك[عدل | عدل المصدر]

مساحتها ألف متر مربع ولا حسد، وفيها مساحة كبيرة للسيارات وبالرخام المحترم، وبالطبع كولدير لجمع الحسنات من العطشى، كي يزيد رصيده في سويسرا وعند الله أيضا. هذا ليس كلام أطفال في قعدة سرحان، ولا كذبا تحت شجرة صفصاف في قرية بجوار قطفة غنم أو ساقية أو تحت قبة شيخ باتع لصبية في قرية محرومة من العيش والطعمية، ولكنه كلام من صحيفة الوطن المصرية مية مية، ولك أن تتخيّل بعد ذلك ما يحدث في مصر الآن مع الاعتذار لرواية "يحدث في مصر الآن"، بعدما صار كاتبها، يوسف القعيد، برلمانيا بالتعيين من رئاسة الجمهورية.

المقبرة، جرى بناؤها في عام 2009، وفيها أيضا ساحة لاستقبال الضيوف. وبالطبع كنب خشب وكراسي جريد وزيران قناوي لمشايخ القرآن . وهي قريبة من محطة مترو كلية البنات، وهذا لزوم التسرية عن النفس من وحشة الظلمة ,والآن، بعد ذكر محاسن موتانا بالطبع بالذوق أو بالعافية احتراما وتقديرا للآخر، وبعد تقديرنا لصاحب أول ضربة جوية على عين أبونا وراسه، وأن الجيش هو درع الأمة، ولولاه لدخلت إسرائيل إلى أبو النمرس، ولا أعرف ماذا ستفعل إسرائيل في أبو النمرس، وأن الجالس على ثغور الوطن كطالب العلم والحاج إلى بيت الله لأن مبارك لم يطلق طلقة واحدة على حمامة إسرائيلية تحلق فوق أرض سيناء منذ 1973 حتى توفاه الله، أي نصف قرن إلا ثلاث سنوات، سكن خلالها ست سنوات في قصر بمصر الجديدة نائبا للرئيس و30 سنة رئيسا في كل قصور مصر. وأنا الذي تخرجت من قسم الفلسفة وأدّيت الخدمة العسكرية 15 شهرا عسكري دفاع جوي راصد تعادل ما درسه مبارك في كليته الحربية بعد الثانوية العامة، وظللت مواطنا صالحا خلال 30 سنة من عمري، وهي أيضا سنوات حكم مبارك أعمل أمين مكتبة حتى خرجت من سنتين على المعاش خصم منهم عبد الفتاح السيسي الفكّة جنيهين. وخلال 25 سنة من عمري، أعيش في شقة 54 مترا في مدينة 15 مايو مجاورة 14 مجموعة 3 عمارة 23 مع زوجة وطفلين وأحاول جاهدا أن تكون لي مقبرة نصف متر في مترين ، بلا رخام ولا قاعة زوار ولا كولدير، ولا حتى زير ولا حتى صبارة، لأن الصبر من الله والحساب عليه في النهاية.

لم أدخل أي محكمة في حياتي، ولا حكمت عليّ محكمة جنائية مخلّة بالشرف أبدا في قضايا قصور رئاسية، ولا كرافتات من الأهرام ولا شوك ولا سكاكين ولا أصحن، ولا عندي أية ملايين، لا في سويسرا ولا في أبو النمرس. ولن تذهب يسرا أبدا ولا إلهام شاهين كي يقبلا ابني يوم مماتي بجوار الزير أو بجوار الدكّة. ولن يخرج مفيد فوزي يوم مماتي، وقد نتف باروكته بالحلاوة، كي يذكر تاريخي ومحاسني وزُهدي في الحكم. ولا عماد الدين أديب سيقول "لقد اقترب مني طالب بلندن وحاول أن ينتحر لأن مبارك مات، لولا أنني أنقذته بمعجزة سماوية". ومقبرتي لن تكون أبدا في مصر الجديدة. فعلا القبر مالوش جيوب، ولكن فيه قاعة لاستقبال الضيوف وساحة كبيرة للسيارات. صدقت، يا أبا علاء، والله ووفّيت، حيا وميتا.