الفرق بين المراجعتين لصفحة: «سيارة نصف نقل»

اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
أُضيف 2 بايت ،  قبل 4 سنوات
لا يوجد ملخص تحرير
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر 4:
الواقع، أن [[فكرة]] [[الموت]] المبجّل سيطرت تمامًا على ذهن الرئيس ، فقد بات هاجسه الأول والأخير أن يضمن لجثته ، بعد [[موت]]ه ، وقارًا وتقديسًا يضاهيان ما حظي بهما في [[حياة|حياته]] ، فقد كان على قناعة تامة بأن الفرق الطبقي القائم بينه وبين [[الشعب]] ينبغي أن يظل قائمًا إلى ما بعد [[الموت]] ؛ إذ كيف يتساوى ال[[زعيم]] و[[المواطن]] في الموت ؟ ذلك محال ، ويتناقض مع كل الحتميات ال[[تاريخ]]ية , المفروض أن يكون لكل منهما موته الخاص . لا ضير أن يموت [[المواطن]] تحت عجلات قلابٍ ، أو في حفرة امتصاصية ، أو برصاصة طائشة ، لأن [[المواطن]] في عرفه طائش وحمولة فائضة عن الحاجة ، أما ال[[زعيم]] النجم فلا ينبغي أن ي[[موت]] إلا كنجم , هذا على فرض أنه سيموت أصلًا , لأن الخلود [[فكرة]] قابلة للتطبيق على [[زعماء عرب|الزعماء العرب]] ، وأن يكون محاطًا بمظاهر الأبّهة والتقديس و[[الشعب]] المكلوم يحيط بقصره .
 
في [[الموت]] فقط كان ال[[زعيم]] مؤمنًا بـالتعددية ، أما في [[السلطة]] فلا تعددية . ولا بأس أن تكون هناك تعدّدية قطرية في [[الوطن العربي]] ، أما الوحدة المنشودة فينبغي أن يكون هو [[زعيم]]ها ، وإلا فلتذهب الوحدة إلى [[جهنم|الجحيم]] . هذا ما كان يدور في [[الدماغ|ذهن]] الزعيم ، وهو يعاود النظر إلى شاحنة البيك -أب ال[[فضيحة]] . وإمعانًا منه في الحذر راح ينبش كتب ال[[تاريخ]] ، للوقوف على مصارع الزعماء الذين سبقوه إلى [[القبر|القبور]] ، ليتلافى مصائرهم المأساوية . قرأ عن [[خلافة إسلامية|الأمراء العباسيين]] ، كيف كانوا ينبشون [[قبر|قبور]] بني أمية ، ويخرجون العظام منها ، لجلدها وحرقها إمعانًا في الانتقام والإذلال ، فقرر أن يبني قصرًا خاصّا لضريحه قبل [[موت]]ه ، ويخصص لحراسته كتيبة دبابات وسرب طائرات ، وأن يحصنه تحصين القلاع ، حتى لا يجرؤ أحدٌ على الاقتراب منه ؛ إذ لا يجوز لأحد أن يعبث [[القبرضريح|بضريحه]] الملكي.
 
غير أن هاجس تبجيل جثته لم يفارقه ، خصوصًا وهو يقرأ عن مصارع زعماء معاصرين ، على غرار عبد الكريم قاسم ونوري السعيد في [[العراق]] ، وكيف تم تمزيق جثة الثاني وسحله في شوارع [[بغداد]] ، إبان [[ثورة 14 تموز 1958]] ، فقرر أن يطمر الشوارع ، ويمنع إنشاء شوارع جديدة ، وليعد [[المواطن]]ون إلى عصر [[حيوانات|الدواب]] ، لا ضير ، المهم أن لا يعبث أحد بجثته . حدث ذلك كله وأزيد ، من دون أن يحاول ال[[زعيم]] ، ولو مرة واحدة في مماته ، أن يحقّق معادلة التبجيل المزدوج لشخصه حيًّا، وجثته ميتًا ، بأن يتبادل التبجيل و[[الاحترام]] مع شعبه، وأن يمنحه [[حرية|حرياته]] وحقوقه.
 
ولأن الهاجس تفاقم في جمجمة [[الزعيم]] من عقدة شاحنة البيك -أب التي استحوذت عليه ، فقد واتاه الحل [[السحر]]ي ، وسخر من نفسه ، لأنه لم يفكر به قبل الآن ، فقد تذكّر ما فعله الشعب [[إسبانيا|الإسباني]] يوم أحاط بقصر زعيمه ال[[دكتاتور]] فرانكو ، إبان احتضاره ليودعه ، وحين قيل لفرانكو إن [[الشعب]] جاء ليودعك .. تساءل: لماذا؟ .. أين سيسافر الشعب ؟ .. نعم ، فال[[زعيم]] لا يسافر عن عرشه حتى لو مات أما [[الموت]] ، فينبغي أن يكون على سريرٍ وثير يشبه [[كرسي|العرش]] ، وباقات الزهور والشموع من حوله ، والحاشية كلها حاضرة بنياشينها وأوسمتها، وعلى [[الأرض]] أن تتوقف عن الدوران مع توقف أنفاسه. اتخذ الزعيم القرار: الحل الوحيد أن يموت [[الشعب]] كله قبل [[موت]]ه.
[[تصنيف: تكنلوجيا]]
مستخدم مجهول
الكوكيز تساعدنا على تقديم خدماتنا. باستخدام خدماتنا، فأنت توافق على استخدام الكوكيز.

قائمة التصفح