الفرق بين المراجعتين لصفحة: «تقليد»

اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
أُضيف 53 بايت ،  قبل 4 سنوات
لا يوجد ملخص تحرير
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر 1:
[[صورة:Giza_Necropolis_in_Tobu_World_Square.jpg|left|300px|]]
'''التقليد''' نوع من [[تجارة الرقيق عند العرب|العبودية]] و رفض [[حرية|للتحرر]] من قبضة السائد وإختيار البقاء في جلباب [[الأب]] كقيد و[[كابوس]] وخيمة خانقة . يكتسب التقليد أهمية مضاعفة في مسارات الإبداع و [[فنون|الفن]] المتشعبة ، فخلع الجلباب في هذا الفضاء الابتكاري هو الإعلان الشرعي الوحيد عن [[حقيقة]] الوجود، بينما التمسُّك المتهافت بهذا الرداء، مهما تكن قيمته ونفاسة قماشته، هو قبول نهائي بالوأد في المهد . كثيرون هم من يطرحون أعمالاً [[فنون|فنية]] محسوبة عدديًّا، لكنّ أصابع الإبداع لا تُحصي إلا القليل عادة، إذ تندفع الأغلبية بفعل الاستسهال أو ضعف الموهبة أو المحدودية أو الرغبة في [[سرقة|جني ثمرات الغير]] أو المكايدة وتصفية الحسابات ، إلى تقليد الكبار والرواد، والسير على نهجهم دون تطوير أو ابتكار، ومثل هذه الظواهر القائمة على الاجترار مصيرها دائمًا الفجاجة، ومآلها إلى الابتذال والنسيان.
 
الأمثلة على هذه الهشاشة أوسع من أن تُدرج في إطار، ويكفي استحضار القليل منها في الموسيقى والغناء والتمثيل، للتفرقة بين الاستثنائي المغاير، والروتيني المنسوخ. المقارنة تُبرز الفرق بوضوح ؛ بين [[عبد الحليم حافظ]] متحدثًا عن بداياته، وهاني شاكر متذكرًا بواكير ظهوره. الأول استرجع رفضه أداء أغنيات عبد الوهاب في مطلع الخمسينات من القرن الماضي، مفضلًا المغامرة بأغنياته الخاصة من ألحان محمد الموجي "صافيني مرة"، وكمال الطويل "على قد الشوق"، والثاني لا يزال يتباهى إلى يومنا هذا بما تردد عن تشابه صوته وأدائه بأسلوب عبد الحليم، و[[إعلان تجاري|الدعاية الإعلامية]] التي أكسبت وجود "عبد الحليم جديد يلوح في الأفق".
سطر 12:
هكذا شأن الموسيقار محمد سلطان كذلك، ملحّن أغنية شاكر "يا ريتك معايا"، التي وضعتهما معًا في موضع التشكك بشأن الشخصية الفنية و[[الهوية]] الخاصة للمبدع، على أن أزمة سلطان أعمق بكثير من المطرب الشاب صاحب الصوت الحلو من دون مقوّمات أخرى، فالموسيقار الذي تعامل مع عشرات المطربين، على رأسهم زوجته فايزة أحمد، هو من دون تعسّف رحلة لا تنتهي من البحث عن الذات الضالة، المتأثرة بشكل كبير بترددات الآخرين من أصحاب التجارب الناضجة، ومن أبرزهم: محمد عبد الوهاب، رياض السنباطي، محمد الموجي، بليغ حمدي، كمال الطويل.
 
في الوقت الذي شهدت فيه فترة السبعينات الأغنيات الطويلة الناجحة لعبدل[[عبد الحليم حافظ]] ووردة، مصحوبة بمعالم موسيقية واضحة، إما في إطار الأناقة والانضباط والهندسة اللحنية المتقنة كما في [[مدرسة]] عبد الوهاب، أو في الإطار [[الشعب]]ي والفلكلوري والمزج بين الشرقي والغربي وال[[مصر]]ي كما في [[مدرسة]] بليغ حمدي، فإن صوتًا عبقريًّا ناله الظلم الفادح بتعامله الدائم مع محمد سلطان، هو صوت المطربة فايزة أحمد، التي بدأت كبيرة مع ألحان الموسيقيين النابهين مثل محمد الموجي، وانجرفت لاحقًا إلى ألحان سلطان المتواضعة خصوصًا بعد زواجهما،[[زواج]]هما، ففقد الصوت بريقه مع الأنغام الباهتة والجمُل الموسيقية المشتتة، التي تبدو كأنها نثرات من هنا وهناك، بدون نبض، كما في "خليكو شاهدين"، وغيرها من الأعمال الكثيرة التي جمعتهما.
 
يمكن استشفاف التقليد الكامل ودلالات السطو المعنوي (غير المجرّم بقانون) وانتحال الروح و[[الهوية]] والشخصية بصيغة تكاد تبدو كلية لدى الموسيقار حلمي بكر، فهو في تلحينه أغنية "عرباوي" لمحمد رشدي على سبيل المثال، من كلمات حسن أبو عتمان، يتقمص جلباب بليغ حمدي كتلميذ في حصة تدريبات، على مستوى المنهج والطابع والجُمل اللحنية والجذور الفلكلورية وإعادة إنتاج التراث والتوزيع الموسيقي واستخدام الربابة والوتريات وأبجديات التعاطي مع صوت محمد رشدي إلى آخر عناصر التوليفة النسقية المعنونة ب[[اسم]] بليغ حمدي، ولا يخطئها المستمع الذواقة.
سطر 18:
ثمة لون من ألوان التقليد والاجترار لا يأتي عن ضعف أو ضيق أفق أو قلة حيلة، وإنما يندرج تحت باب استثمار نجاح الآخرين أو الرغبة في التشويش على نجاحاتهم، وربما بسبب النكاية والعند وتصفية الحسابات، وأبرز حالات هذا النمط من صناعة التقليد بوعي واقتدار نموذج المطرب كمال حسني، في تعامله مع الموسيقار محمد الموجي في أغنية "غالي عليّا"، التي أراد بها الموجي وصنّاع فيلم ربيع [[الحب]] في عام 1956 استنساخ تجربة [[عبد الحليم حافظ]] بصوت جديد.
 
على الرغم من نقاء صوته وحساسيته ورهافته، لم يزد سطوع موضوع كمال حسني على ما أريد له من أن يكون ضربة مؤقتة ورسالة حادة ل[[عبد الحليم حافظ]]، الذي بدأ يتعامل مع عبد الوهاب وملحنين آخرين ويبتعد نسبيًّا عن صديقه الموجي ورفقاء الكفاح ورحلة الصعود منذ البداية، فجاء فيلم ربيع الحبال[[حب]] استنساخًا لفيلم لحن الوفاء ، بمخرجه نفسه إبراهيم عمارة وأبطاله شادية وحسين رياض وآخرين، مع استبدال عبد الحليم كممثل ومطرب بكمال حسني، الذي ظهر أيضًا باسم "جلال" في فيلمه العجائبي، وهو [[الاسم]] نفسه الذي حمله عبد الحليم في "لحن الوفاء". وحتى الدويتو الناجح "حليم وشادية"، جرى تقليده بدويتو "لو سلمتك قلبي" لكمال حسني وشادية، من ألحان منير مراد. وكان طبيعيًّا ألا تستمر حكاية كمال حسني أبعد من قرصة الأذن التي أعادت حليم إلى صوابه، والمياه إلى مجاريها في ما يخص علاقته بأصدقائه الملحنين، ولم يتجاوز حسني محطة التقليد المصنوعة، التي تهدّمت من تلقاء ذاتها سريعًا.
==محمد رمضان==
ومن ماكينة الإنتاج المحدودة الهادفة إلى الإيهام بوجود [[عبد الحليم حافظ]] آخر، في حياته، إلى ماكينة الصناعة ال[[سينما]]ئية والغنائية الضخمة لتخليق [[أحمد زكي]] مودرن بعد رحيل الفهد الأسمر بسنوات ، وذلك في صورة الفنان محمد رمضان، استغلالًا للتشابه الشكلي في المقام الأول ولون البشرة وقدرة الشاب على التمثيل والتقليد والأداء الجسدي والغنائي وانتقاء شخصيات وأدوار وكادرات تعيد إلى الأذهان حضورًا حيًّا [[حقيقة|حقيقيًّا]] لأحمد زكي ، بغض النظر عن الجوهر الفني ، والعمق [[الإنسان]]ي، والإمكانات المهارية والتلقائية . لا يمكن تجاهل محمد رمضان كظاهرة جديرة بالتحليل، في ظل مناخ فني ضحل كاسد، يقترب من حد الإفلاس ما عدا استثناءات فردية نادرة، الأمر الذي خلق تعطشًا إلى نجوم الماضي المحبوبين، وأجج النوستالجيا إلى أقصى درجات اشتعالها في القلوب.
سطر 24:
بخلطة [[سحر]]ية، فيها من شخصية [[أحمد زكي]] الكثير، بعد تفريغها من محتواها الفني والقيمي بما يلائم العصر، وفيها ما هو مستجدّ مصنوع من لغة العنف والدم و[[قبضاي|البلطجة]] والجريمة و[[الفهلوة]] و[[الإثارة]] الرخيصة و[[الجنس]] والعبارات الجريئة و[[شتيمة|البذيئة]] والرقص العاري والتقاليع الشخصية والهوس بالذات حد [[مركوب جني|الجنون]] والتباهي بالسيارات والممتلكات الفارهة وغيرها من البهارات ومتطلبات السوق والسوشيال ميديا واحتياجات الجمهور المنخرط في السوقية والاستهلاكية والتدني، حققت أعمال "الزلزال" الدرامية والغنائية أرقامًا يصعب تصديقها من حيث عدد المشاهدات والمتابعات والحضور الكمي الطاغي، فكليب "بابا" تجاوز 36 [[مليون]] مشاهدة، وتعدى "فيروس" 35 مليونًا، واقترب كليب "مافيا" من 155 مليونًا، وتخطى "إنساي" 155 مليون مشاهدة على [[يوتيوب]].
 
لا يمكن نسبة تجربة رمضان إلى التقليد وحده، فهو في بعض الأعمال الجادة، مثل مسلسل "زلزال" من تأليف عبد الرحيم كمال وإخراج إبراهيم فخر، قادر على التحرر وتقمص الشخصيات وفق معطياتها الجسدية والنفسية والسلوكية المرسومة، باحترافية وعفوية في آن، لكن آلة الصناعة الثقيلة هي التي تسطر خطوات رمضان كنجم كاسح "نمبر وان"، بترويج احتكاري متعمد، وفي هذا التصعيد المستمرّ اتكاء غير هيّن على كاريزما [[أحمد زكي]]، التي اعتبرها رمضان جينات وراثية مكتسبة، من فرط ما يلجأ إليها وقتما شاء، وفي هذا التقليد المسطّح [[العدم|الأجوف]] إساءة مزدوجة، إلى زكي (فنان البسطاء والطبقة [[الشعب]]ية الكادحة المطحونة) وإلى ذاته، في وقت واحد. ويبقى فنانو التقليد، المحصورين في عباءة [[الأب]]، أنفاسًا اصطناعية باردة وشجيرات بلاستيكية قصيرة، في حديقة الإبداع التي لا تعمّرها إلا الأشجار الباذخة .
 
[[تصنيف:فنون]]
383

تعديل

الكوكيز تساعدنا على تقديم خدماتنا. باستخدام خدماتنا، فأنت توافق على استخدام الكوكيز.

قائمة التصفح