خطبة الجمعة

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
(بالتحويل من خطبـة الجـمعـة)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

خطبة الجمعة ويسمى أيضا بالربع خطبة لكون الخطاب الإقناعي له أربعة مكونات رئيسية لابد من توافرها به حتى يكون كاملا وخطبة الجمعة تحتوى على مكون واحد فقط .المكونات الأربعة هي المشكلة : وفيه يعرض الخطيب لمشكلة ما ويقدم الدلائل على مدى ضخامة المشكلة ومدى الضرر الذي قد يعود علينا من ورائها. أي أن يظهر أبعادها كمًّا وكيفًا. إلقاء اللوم : وفيه بيان للسبب الرئيسي لهذه المشكلة ولماذا يحال بيننا وبين حلها ؟ , العلاج : يتم وضع خطة قابلة للتنفيذ قادرة على حل المشكلة ، مع الحرص على التوازن بينها وبين المشكلة التي تحاول حلها. إشراك الحضور : والمراد هنا أن تحث كل شخص يسمعك على اتخاذ الخطوات المناسبة التي قد تمكن المجتمع من التخلص من تلك المشكلة، كأن ترشح لهم بعض المعلومات أو الكتب التي ستزيد من وعيهم تجاه هذا الشأن، أو أن تدعوهم للتبرع، أو حتى طلب الضغط منهم على المجالس التشريعية من أجل تشريع قانون جديد يصب في مصلحتهم.

المتأمل الدارس لمحتوى خطبة الجمعة في أغلب المساجد يجدها لا تكاد تتعدى النقطة الأولى . إن الخطيب يظل يدور في دائرة شرح المشكلة ومدى ضخامتها ومدى الدمار الذي سيعصف بالبلاد والعباد من جراء هذا المرض الجلل الـذي أصاب بلاد الإسلام ، وأين نحن من ماضي العز والإيمان.الكل يسمع ولسان حالهم مبهور بطلاقة لسان الخطيب الذي يحكي لساعة عن المرض الذي يعصف بنا. الكل ينصت وكأن الخطيب يحدثهم عن سوبرمان ولكن أين الحل ؟! على من نلقي اللوم ؟! ماذا علينا أن نفعل ؟!

ليت الربع خطبة ذاتها جاءت كاملة . فبالرغم من أن الخطاب جاء ناقصًا، إلا أننا وجدنا أنه لا يخلو من أخطاء جمة. أخطاء في الادعاء المقر بوجود المشكلة، وأخطاء في المعلومات الواردة عنها، وأخطاء في بيان شرح هذه المعلومات، ولكم شيئًا من التفصيل في ذلك.

أخطاء الادعاء[عدل | عدل المصدر]

وهذا يعني ربط الأدلة ببعضها البعض اعتباطًا . تجد الخطيب يحدثك عن ضعف إيمان رجل العصر الحديث ، ثم يورد كلامًا عن رجل صالح في الماضي عامله السجان الذي يحرس سجنه معاملة حسنة ذات مرة، وقال له اذهب وزُرْ أهلك فلن يعلم أحدهم بذلك ، فقال له الرجل الصالح إني لن أعينك أبدًا على عصيان سلطانك ! ثم يتوقف الخطيب متأثرًا ويقول هؤلاء هم المؤمنون أين نحن منهم ؟ . ما هذا الخبط العجاب ؟ ما علاقة هذا أصلا بضعف الإيمان وهل من الإيمان التسليم للطواغيت ؟

أخطاء المعلومات[عدل | عدل المصدر]

وهذه هي الأخرى تعني تلك المعلومات التي لا علاقة لها أصلا بموضوع الخطبة نهائيًّا.إن كمًّا من الحشو يصب في قالب الادعاء الرئيسي بالخطبة من أجل زيادة الوقت لا أكثر. وأحيانا قد يُشكل الأمر على الحضور لدرجة نسيان الهدف الرئيسي للخطبة.

الغلط في شرح البيانات[عدل | عدل المصدر]

وهي تعني التعميم بدون أدلة. إذ عادة ما يأتي عرض المشكلة مليئًا بالأخبار المغلوطة والشائعات والجمل التي لا تحمل دلائل على صحتها. مثال: قصة إسلام فريق بحث أمريكي أو غير عربي لا فرق , نتيجه لإخبارهم من قبل صديقهم المسلم تفسيرًا لشيء استعصى عليهم ، وقد جاء به لهم من القرآن الكريم. ما اسم العالم المسلم ؟ وما هو اسم الفريق البحثي ؟ وفي أي جامعة دار الحدث ؟ وعن أي شيء يدور البحث ؟ ومتى كان ؟ . كنيسة بأوروبا تجبر روادها على ارتداء الحجاب . ما اسم الكنيسة ؟ ما اسم الدولة ؟ متى حدث ذلك ؟

قال أحد الدكاترة الملاحدة لمريضة : اسجدي سجدة المحمديين حتى تشفي من الصداع . ثم يتحدث الشيخ بكل فخر بأنه قد جاء الاعتراف من عندهم بأن الموجات تتطاير من الرأس عند السجود . عن ماذا تتحدث يا سيد ؟! أين الدليل الديني على ما تقول ؟! ثم أين الدليل العلمي ؟ وهكذا. ووالله لقد غالبت السآمة وأنا أكتب تلك التعميمات الغريبة التي تعج بها المنابر ، وهناك المزيد والمزيد ولكنها السآمة سامحها الله قد منعتني .

تخلق وهمًا ثم تحاربه[عدل | عدل المصدر]

وعندما تحاربه لا تحارب الفكرة بل سب الشخص الوهمي الحامل لها ,الصياعة أدب بردك , وإنه من دواعي سرور السيد الخطيب هنا أن يورد وهمًا ثم يحاربه ؛ فتجد ألفاظًا غريبة تتطاير معلنة عن أسماء أجنبية كوليام وجون وسارتر ، بدون بيان واضح من هم أصلا ؟! , وإنما المهم أن يكون الاسم أجنبيًّا ثم الهجوم الشديد عليهم بأنهم ملاحدة لا يعقلون شيئا، لا يؤمنون بوجود الله فكيف يتكلمون عن قوانين الإسلام وفي التشريعات التي جاء بها.

تعد خطبة الجمعة المنبر الإعلامي الإسلامي للطرح والتوجيه. وعندما يحوي الطرح هذا القدر الكبير من السطحية فإنه من الحتمي ألا ينفذ الناس شيئًا منه. إن العوام يستقبلون الكلام بعقلهم الواعي ويعتبرونه من المسلمات الدينية، وهذا قد يفرح به الخطيب، ولكن ما لا يدركه أن العقل اللاواعي هنا هو ما يحتاج إلى التوجيه والاهتمام، لأنه هو الذي يدفع الناس أصلا لتنفيذ ما يقومون به. وضَعفُ محتوى الخطاب كفيل بدفع الناس إلى تجاهله ولو عن دون قصد.

إن خطبة الجمعة لها من الشأن في الإسلام ما لها ؛ وذاك لجمعها بين الثنائية الروحانية والمادية. إنها بمثابة اجتماع كبير يحضره جميع من في الحي ليترأس أحدهم الاجتماع ويحدث الناس عن أمور الدين والدنيا، ثم يتوجهون إلى الروحانية الإسلامية بالخضوع لله والاستسلام له بالصلاة . قارن مثلا بين الخطبة وبين الموعظة الكنسية التي لا تتحدث إلا في أمور روحانية بحتة لا علاقة لها بالواقع , إن خطبة الجمعة ستكون أقرب لروح الواقع فقط إذا اتسمت بالاتزان الحقيقي بين ماديتها وروحانيتها .