خليفة حفتر

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

خليفة بلقاسم حفتر (1943) أمير حرب فظ ليبي كان له دور كبير في إرتداد ليبيا إلى حقبة الدكتاتورية والفساد السياسي ، بعد تمرده على المؤسسات التي انبثقت من ثورة 17 فبراير في 2011 ، ومحاولته تنفيذ انقلاب عسكري ضد المؤتمر الوطني العام آنذاك بعد انضمامه إلى الثورة التي أطاحت نظام معمر القذافي . يقدم نفسه للغرب على أنه محارب شجاع ضد الإسلام السياسي ، على شاكلة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي . فعل حفتر ما اعتاد عليه القذافي ، ولكن الفرق أنّ الأخير كان يُناطح المجتمع الدولي بينما يستعين حفتر بخريطة طريق وضعتها له أطراف دولية لمناطحة الداخل . لا يختلف حفتر كثيرا عن العقيد القذافي ، حيث أنه يحب السلطة لأجل السلطة ، مع تجاوز الحقوق والحريات الأساسية كلها .

حفتر ليس أكثر من عسكري متمرد، بدأ تمرده ضد القذافي، لكن لأن الراعي الأمريكي كان يريد للزعيم الليبي أن يبقى كمهمة استعمارية. فقد سحبوا حفتر للاحتفاظ به في الحضانات الأمريكية لاكتمال نموه في انتظار اللحظة الحاسمة، والتي يرونها قد جاءت، فلا قومية عربية ولا يحزنون. وإذا كان القذافي ظل ردحا من الزمن يتحدث عن القومية العربية قبل أن يتخلى عنها بحثا عن انتماء جديد، فإن حفتر لم يمر بهذه التجربة، والحديث عن أنه امتداد للقذافي يشبه تماما الحديث القديم؛ عن أن عبد الفتاح السيسي هو جمال عبد الناصر الجديد .. لم يتحدث خليفة حفتر أبداً عن انحيازاته ومرجعيته السياسية، لكن القوم في القاهرة وضواحيها اعتمدوه زعيما للفكرة، تماما كما اعتمدوا السيسي من قبل عبد الناصر المرحلة، قبل أن يفتح فمه ويتكلم لنرى النسخة الأكثر رداءة من حسني مبارك وفي كل شيء .

حفتر لم يفعل شيئا في ليبيا سوى إغراقها في مزيد من الخلافات والانقسامات والفتن، فهو منذ أن أمسك بالسلطة وصادر بنغازي بالكامل لصالحه، طغى وتجبّر، مرة بحجة محاربة تنظيم الإخوان وتمدد الإسلاميين، ثم بمبرر مواجهته لداعش رغم أنه لم يقم بشيء يذكر ولم يحقق إنجازا واحدا ما عدا إطلاق العنان لبعض قياداته من أجل تعذيب المختلفين معه سياسيا!اختفاؤه أو حتى إطلاق إشاعات عن وفاته كشف للجميع، حجم الفراغ الكبير الذي كان يحكمه، وبأن الجيش الذي كان يدعي صلابته وقوته لم يكن سوى مجموعة غير متناسقة من المليشيات، وبأن “عملية الكرامة” التي أحكم قبضته على السلطة تحت رايتها لم تكن سوى مجرد شعار فارغ .

صعد حفتر الى السلطة بمساعدة خارجية ، ولبراعته في ضرب الحلفاء بعضهم ببعض . الطائرات الإماراتية والمصرية قامت بضرب أعدائه ، وساعدته في الاستيلاء على محطات النفط ، فيما قامت مليشيات فرنسية بالقتال في الخطوط الأولى في بنغازي ، حيث قتل ثلاثة منهم عام 2016 ، وكان التمويل على السعودية . القوات الروسية الخاصة قدمت الذخيرة والمعلومات الاستخباراتية للجنرال حفتر من قواعدهم في غرب مصر . لم يقدم حفتر إجابات عن أسئلة كثيرة ملحة . وعلى اعتبار أن ثورة 17 فبراير جزء أصيل من ثورات الربيع العربي ، ونتيجة للارتفاع في عدد الديمقراطيات في العالم في الأربعين عاماً من 1970 إلى 2010 ، حسب تصنيف مؤسسة فريدم هاوس الأميركية ، فإن ليبيا تعتريها حالة من القلق السياسي ، حتى تحولت إلى اضطراب بعد الانقلاب الكامل على المكتسبات الديمقراطية .

حفتر كان مرتبطا معظم حياته بأمريكا . في أواخر الثمانينيات ، عندما كان حفتر ضابطا كبيرا يعيش في المنفى في تشاد ، قاد الجهد الذي دعمته وكالة الاستخبارات المركزية للإطاحة بالعقيد القذافي ، وفشلت الخطة ، وانتهى الأمر بلجوء حفتر إلى فرجينيا ، حيث عاش لعقدين من الزمن هناك وأصبح مواطنا أمريكيا . بعد أن عاد حفتر إلى ليبيا عام 2011 بطموح الاستيلاء على السلطة ، فإن المسؤولين الأمريكيين نأوا بأنفسهم عنه . السياسة الأمريكية دعمت منذ 2015 الحكومة التي دعمتها الأمم المتحدة في طرابلس ، التي كانت إدارة ضعيفة، بالكاد تسيطر على منطقة العاصمة ، إلا أنها بقى الأمل الرئيسي للغرب لحل سياسي في ليبيا .

أطال خليفة حفتر بقاء ليبيا في وضعٍ عالق وسط دوامة العنف بين نارين ، شرقي بقيادة خليفة حفتر الذي حاول إعادة عهد القذافي بثوب جديد ، وغربي بقيادة فايز السراج الذي جاهد ، في ضعف بائن ، من أجل استمرار الشرعية والحكومة المعترف بها . هذا الوضع كان وليد شرعي لقرارات ليبية بمساعدة خارجية ، فقد عيّن برلمان طبرق (شرق) حفتر قائداً للجيش الليبي الذي لا يضع اعتباراً لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس المعترف بها دولياً برئاسة فايز السراج . بينما يصرّ الأخير على أن تكون قيادة الجيش خاضعة للحكومة المعترف بها دولياً. وفي الرابع من مايو 2017 ، أعلن الاثنان الاتفاق على العمل سوياً لإنهاء الأزمة التي تشهدها ليبيا، بترحيبٍ من الأمم المتحدة.

الشعور بكراهية حكم القذافي لا يجعل ليبيين كثيرين يتوقون لفترة أخرى تشبهها ، فيصبح خليفة حفتر أو من يشبهونه البديل المرتقب . ويستدعي هذا الوضع المقولة الشهيرة كل سلطة مفسدة والسلطة المطلقة مفسدة مطلقة ، حيث دفعت هذه السلطة المطلقة والجبروت حفتر إلى الإفراط الشديد في العنف الذي أعيا وأغضب كل طبقات الدولة ، في مواجهة حفتر الذي خفض سقف التعاطي مع الحقوق السياسية إلى أدنى مستوياته. في ظل استمرار الإرهاب ، والتنافس المحتدم بين المكونات السياسية والعسكرية والانقسام السياسي ، وتنامي وجود المرتزقة وانتشار السلاح .

استطاع حفتر المزج بين السلاح والدين ، فقد كان يدير القوات التابعة له بتقسيمها إلى طبقتين ، الضباط وأغلبهم من الجيش السابق للعقيد القذافي ، والقوات المساندة ، وتتكون من مقاتلين شباب ، تم تسليحهم من أجل القضاء على الإسلاميين . من بين هؤلاء، برز القائد الميداني في القوات الخاصة (كتيبة الصاعقة) الرائد محمود الورفلي ، المطلوب لمحكمة الجنايات الدولية بتهمة جرائم حرب . وكي لا تزايد عليه الجماعات المتطرفة ، قدم حفتر الورفلي المنتمي لتيار ديني معروف بالتيار المدخلي السلفي الذي أفتى بضرورة القتال في صفوف قوات حفتر، ما وفر لها الغطاء الشرعي والديني. بعد موت حفتر سيكون وراء كل حفتر .. حفتر جديد.