شارع الرشيد

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

شارع الرشيد أقدم وأشهر شارع في بغداد في العراق ، وكان يسمى خليل باشا جاده سي نسبة الى حاكم بغداد العثماني وقائد الجيش في 1910 . فيه جوامع تراثية اشهرها جامع الحيدر خانه الذي شيده داود باشا عام 1819 وجامع مرجان وجامع سيد سلطان وجامع حسن باشا , تم شق شارع الرشيد وسط مدينة بغداد ، من أجل أن يكون شارعاً يسهِّل حركة القوات العسكرية التركية في طريقها بين منطقة الحكومة ووزارة الدفاع وسط المدينة . أكمله الإنكليز لاحقاً ، مطلقين عليه اسم هند نبرغ و شارع النصر ومن ثم الجادة الجديدة . وما لبث هذا الاسم أن تبدل هو الآخر إلى شارع الرشيد عندما اتخذت أمانة العاصمة في حينها قراراً في إطلاق تسميات جديدة على شوارعها الرئيسية . الشارع يحاذي نهر دجلة في محاولة ليكون رئة أخرى للمدينة ، تحول خلال سنوات لشارع سياسي نفذت في قلبه اغتيالات عدة، كان آخرها محاولة اغتيال عبد الكريم قاسم ، الذي انقلب على الملكية غير أن فعلته هذه لم تمهله طويلاً ، حتى انقلب حزب البعث عليه بعد خمس سنوات .

بعد سلسلة من المقاهي الشتوية والصيفية ، وسوق هرج وسوق السراي تأتي مدرسة المأمونية التي سجل الملك فيصل الأول نفسه معلما فيها ، وأبنه ولي العهد غازي تلميذا فيها . وكان خلفها يربض طوب ابو خزامه مع شموعه ، ثم ساحة الميدان ، ثم ساحة تضم التكية الطالبانية وجامع المرادية ومحلة رأس الكنيسة التي تعد اقدم كنيسة في بغداد . وعلى جانبه الأيسر كان يقع فندق الهلال الكبير الذي غنت فيه ام كلثوم . فقهوة الزهاوي , ملتقى الأدباء والشعراء ، وشناشيل احمد القيماقجي ، ودكان الحاج زباله لبيع شربت الزبيب ، فقهوة حسن عجمي .

من طريف ما يذكر ان الحكومة اغلقت مدخل شارع الرشيد اواسط العشرينيات ووضعت عليه لافته مكتوبا عليها ممنوع الخشوش من هنانا مشيرة الى مدخل له من الخلف . وكان الشارع الى عام 2003 يعد اكبر شارع تجاري في بغداد والعراق، وكانت مقاهيه الممتدة من مقهى الميدان قريب الباب المعظم الى مقهى البرازيلية باتجاه شارع ابي نؤاس ، تزدحم بروادها ، فيما كانت اسواقه الفرعية مثل سوق الصفافير تستقبل الأجانب لشراء التحفيات . كان طلبة الجامعة ، نحرص على قطع المسافة مشيا من باب المعظم الى الباب الشرقي لنستمتع بشارع الرشيد ، وشرب شربت زبيب زباله و الجلوس في احد مقاهيه :الزهاوي ، حسن عجمي ، الرصافي ، البرازيلية.

حال شارع الرشيد الآن يبدو وكأنه حال مدينة خرجت للتو من حرب :أزبال ، اوساخ ، نفايات ، بسطيات على جانبيه وفي وسطه .. وجوه بائسة ، واخرى تصيح : لبلبي ، جواريب كل اربعة بألف ، تي شيرت بثلاثة ، تي شيرت بخمسة ، بنطرون بعشرة ، تنورة حلوة ومستورة . فرق كبير بين شارع الرشيد هذا وشارع الرشيد الذي حدثت للشاعر مظفر النواب اول تجربة حب له في حياته حيث يقول النواب :

كانت سيارتها صغيرة..والشارع مزدحم..والدنيا حارة..التفت اليها فرأيت حبات من العرق تسيل على خديها.. لحظتها تمنيت ان امسحها بمنديلي

شارع الرشيد كان مزدحما باقدم واحدث موديلات السيارات ، وكانت سيارات مصلحة الركاب ذي الطابق الواحد والطابقين تنقل الركاب الى مختلف احياء بغداد..فيما الآن لا ترى فيه سيارة واحدة تمشي فيه باستثناء واحدة او اثنتين للشرطة وكأننا في حالة انذار جيم. قال رجل يمشي قريبا مني : أخي ، اخذلك ستوته واصعد بيها . وجاءت الستوته !!...أصبحت الستوته هي وسيلة النقل في شارع الرشيد بعد ان كانت المرسيدس والشوفر والفورد والطابق والطابقين تزدحم فيه قبل سبعين سنة .

الشعب صرخ في الشوارع وساحة التحرير (نواب الشعب كلهم حرامية ، و الخير العدنه مكوم والأحزاب تفرهد بيه) . وما فرهدوه يكفي ربعه لجعل بغداد اجمل عاصمة بعد ان جعلوها اوسخ واقبح مدينة . المشكلة في هؤلاء الذين في المنطقة الخضراء انهم يعتبرون العراق هو عالمهم الجميل الذين يعيشون فيه ، وشوارع بغداد هي شوارعهم المزينة بالورود ، وان ما يحدث في بغداد وما يعانيه اهلها لا يعنيهم الا اذا حصل غيها ما يذكرّهم يوم دخل المتظاهرون مبنى الحكومة والبرلمان .