شم النسيم

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

شم النسيم يوافق عادة 14 - 21 ابريل , الاحتفال الوحيد الذي جمع المصريين بمختلف عقائدهم الدينية منذ آلاف السنين ، دون أن يلبس ثوبا عقائديا . فى مناسبة شم النسيم يكثر تناول البيض و الفسيخ والرنجة , مما يجعل ذلك سبب فى ظهور نسيم الروائح الغير المستحبة و ظهور حالات متعددة من حوادث التسمم الغذائى . المصريين في شم النسيم بياكلوا سمك بايظ وفيه دود ، خد 2 كيلو فسيخ ولفهم كويس عشان الريحة ، اللى تشبه الفأر الميت .

يحتفل المصريون بشم النسيم منذ نحو 4700 عام . شمو في اللغة المصرية القديمة ، الهيروغليفية ، هي الكلمة التي أطلقها المصريون القدماء على فصل الصيف ، وتحمل أيضا معنى الحصاد . وتحولت الكلمة إلى شم في اللغة القبطية ، التي تعد مرحلة متأخرة من الكتابة المصرية القديمة ، لكن بأحرف يونانية . في حين يرى بعض المتخصصين في اللغة المصرية القديمة أن لفظ شم النسيم ينطوي على تركيب لغوي كامل في اللغة المصرية القديمة هو : شمو (حصاد) - ان (ال) - سم (نبات) ، في دلالة واضحة على عدم تحريف الاسم المصري الأصلي بإدخال كلمة نسيم العربية ، التي يعرفها المعجم بأنها ريح لينة لا تحرك شجرا ، للإشارة إلى اعتدال الجو ومقدم فصل الربيع .

قسّم المصري القديم فصول السنة ، التي أطلق عليها كلمة رنبت ، إلى ثلاثة فصول فقط ، ارتبطت بالدورة الزراعية التي اعتمدت عليها حياته بالكامل وهي:

  • فصل الفيضان الذي أطلق عليه آخت ، وهو يبدأ من شهر يوليو حتى أكتوبر .
  • فصل بذر البذور , برت ، ويبدأ في شهر نوفمبر.
  • فصل الحصاد , شمو ,الذي يبدأ في شهر مارس .

اعتبر المصريون القدماء عيد شم النسيم بعثا جديدا للحياة كل عام، تتجدد فيه الكائنات وتزدهر الطبيعة بكل ما فيها ، كما اعتبروه بداية سنة جديدة مدنية ، غير زراعية ، يستهلون به نشاطهم لعام جديد . وكانت الزهور وانتشار الخضرة بشيرا ببداية موسم الحصاد ، فكانوا يملأون مخازن الغلال بحصاده ، ويقدمون للإله الخالق خلال طقوس احتفالية سنابل القمح الخضراء ، في دلالة رمزية على الخلق الجديد.

حمل عيد شم النسيم طابع الاحتفال الشعبي منذ عصور قديمة للغاية ، سجلها المصري في نقوشه على جدران مقابره ، ليخلّد ذكرى نشاطه في ذلك اليوم ، فكان الناس يخرجون في جماعات إلى الحدائق والحقول للتريض ، والاستمتاع بالزهور والأخضر على الأرض ، حاملين صنوف الطعام والشراب التي ارتبطت بهذه المناسبة دون غيرها، وحافظ عليها المصريون حتى الآن ، في مشهد موروث ومستنسخ كل عام لعادات مصرية قديمة غالبت الزمن . دأبت النقوش المصرية على تصوير مناظر تبرز موائد وأطعمة كثيرة، تتسم بالبذخ أحيانا من نصيب الطبقات العليا في المجتمع المصري، أمثال الوزراء والكهنة وكبار الموظفين وأصحاب الأراضي، أما عامة الشعب فكانوا ينتظرون الأعياد والمناسبات الاحتفالية لتناول كل ما لذ وطاب لهم من مأكل ومشرب في حدود الإمكانات.

حرص المصري القديم على أن تضم قائمة طعامه في شم النسيم عددا من الأطعمة التي لم يكن اختيارها محض عشوائية أو صدفة بحتة ، بل كانت تحمل مدلولا دينيا وفكريا ارتبط بعقيدته خلال احتفاله بالمناسبة، من بينها أطعمة أساسية كالبيض ، والسمك المملح (الفسيخ) ، والبصل ، والخس ، والحُمص الأخضر (الملانة) . ترمز البيضة إلى التجدد وبداية خلق جديد في العقيدة الدينية المصرية، فهي منشأ الحياة ، وقناة خروج أجيال من الكائنات ، وأصل كل خلق ، ورمز كل بعث . أطلق المصري عليها سوحت ، وذكرها في برديات الأدب الديني القديم عندما اعتقد أن الإله خلق الأرض من صلصال في هيئة بيضة، ودب فيها الروح، فبدأت فيها الحياة. لذا كانوا يقدمون البيض على موائد القرابين لدلالته الرمزية والدينية على حد سواء.

وحرص المصري على تناول السمك المملح (الفسيخ) في هذه المناسبة مع بداية تقديسه نهر النيل ، الذي أطلق عليه حعبي بدءا من عصر الأسرة الخامسة ، فضلا عن ارتباط تناوله بأسباب عقائدية تنطوي على أن الحياة خُلقت من محيط مائي أزلي لا حدود له، خرجت منه جميع الكائنات ، أعقبه بعث للحياة ووضع قوانين الكون.

وبرع المصريون في صناعة السمك المملح، وكان يخصصون لصناعته أماكن أشبه بالورش كما يتضح من نقش في مقبرة الوزير رخ - مي - رع في عهد الأسرة 18 ، وتشير بردية إيبرس الطبية إلى أن السمك المملح كان يوصف للوقاية والعلاج من أمراض حمى الربيع وضربات الشمس .وأولى المصريون أهمية كبيرة لتناول نبات البصل ، الذي أطلقوا عليه اسم بصر ، خلال الاحتفال بعيد شم النسيم اعتبارا من عصر الأسرة السادسة ، لارتباطه بأسطورة قديمة تحدثت عن شفاء أمير صغير من مرض عضال عجز الأطباء عن علاجه، وكان البصل سببا في الشفاء بعد أن وُضع النبات تحت وسادة الأمير ، واستنشقه عند شروق الشمس في يوم وافق احتفال المصريين بعيد شم النسيم فكُتب له الشفاء ، فأصبح تقليدا حافظ عليه.