عبد الرحمن الكواكبي

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

عبد الرحمن الكواكبي (1855-1902) صاحب مؤلفه ذائع الصيت طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد الكتاب الذي صدر عام 1900 قبل سنتين من وفاة المؤلف الحلبي الذي آثر الهجرة من سوريا هربا من ضيق مراقبة الدولة العثمانية إلى مصر التي لم تكن يومذاك تحت السيطرة المباشرة للسلطان العثماني عبدالحميد , أراد الكواكبي تحرير الإنسان الفرد من أسر الدكتاتورية والخرافة والجهل والأوصياء وأي معتقد يسهم في النيل من حريته . تعامل الرجل مع الأشواق الإنسانية إلى استرداد الحرية بخيال شاعر ، ولم يفرض على أحفاده وصاية ، أو يورثهم يأسا وقع ضحيته آخرون رهنوا المستقبل بوقائع ومعطيات تبدو إزاحتها مستحيلة ، ففي ظل احتلال مركب تركي وأوروبي لأغلب الدول العربية لن يرى اليائس أملا في الخلاص ، أما الحكيم فيؤمن بأنه لا نهاية للتاريخ ، ويعي أن للإمبراطوريات وللأباطرة والمستبدين دورة حياة لا بد أن تنتهي ، وأنّ زادَ حياتها ينفد كلما ارتفعت درجة الوعي، ومستوى التعليم القادر على خلخلة أركان الاستبداد .

تقلد الكواكبي مناصب رسمية ، فكان أمينا للفتوى ، وقاضيا في حلب التي انضم إلى عضوية مجلس إدارتها ، وتولى الخطابة والإمامة في مسجد جده أبويحيى الكواكبي . واكتسب من جسارته خلال أعماله الرسمية عداوات الولاة ورجالهم المستفيدين من الفساد الإداري ، وكان من الطبيعي أن يتعرض للمضايقة والعزل ، واستقال ليتفرغ للمحاماة ، كما سجن مرتين عام 1886 ، وقام الوالي عثمان الأعرج بتحريض طائفة من الأرمن فاغتصبوا مزرعته ، حتى ضاقت عليه حلب ، وأسر في نفسه رغبة الهجرة إلى مصر، واتخذها برغبة شخصية وتكليف من الخديوي عباس حلمي الثاني قاعدة انطلاق إلى رحلات في الجزيرة العربية والهند وبلاد المغرب. وأتاحت له صحف مصر نشر مقالات مناهضة للاستبداد ، وإصدار كتابيه أم القرى عام 1900 وكان قد كتبه في حلب ، وطبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد عام 1900 ، وصدرت التعليمات السلطانية بمنع دخول الكتابين إلى الممالك العثمانية.

كتابه طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد كان وصفة فكرية سعت إلى معالجة ظاهرة الاستبداد السياسي المتفشي في العالم العربي الإسلامي ، والذي كان استبدادا ينهل من سعي سلطوي إلى البحث عن شرعية دينية حوّلت الحكم من فعل بشري إلى ممارسة متعالية بالنص الديني . جاء الرجل مطاردا من بلاد الشام ، ونال في مصر حظوة رسمية وأهلية ، وتمكن فيها من نشر ما لم يجرؤ على نشره في بلاده الواقعة تحت وطأة الاحتلال العثماني .

إذا كان ابن المقفع يحيا بكتابه كليلة ودمنة فالكواكبي يكفيه هذا الكتاب : طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد ، الأيقونة العابرة للأزمنة والأجيال والثورات والثورات المضادة ، بوصلة معيارية يهتدي بها كلما قامت ثورة لا نطمئن لمصيرها ، أو لاحت في الأفق ريح القوى المضادة للثورة. كأن الكتاب منشور ثوري ببرنامج للمستقبل خرج لتوه من المطبعة ، ويستهدفنا هنا والآن . توارثت الأجيال وديعة الكواكبي ، طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد وحافظت عليها، وفي كل جيل يستدعى الكتاب ، باعتباره الدليل . وفي ميادين الحرية التي حملت لواء الثورات الشعبية في مراحل البراءة في بدايات عام 2011حضر طبائع الاستبداد ومؤلفه الذي ربح الرهان .

مقتطفات من طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد[عدل | عدل المصدر]

  • لا عزاء لمظلوم لأنه أيضا شريك في الظلم ، فلا يولى المستبد إلا على المستبدين ، ولو نظر السائل نظرة الحكيم المدقق لوجد كل فرد من أسراء المستبدين مستبدا في نفسه ، ولو قدر لجعل زوجته وعائلته وعشيرته وقومه والبشر كلهم ، حتى وربه الذي خلقه تابعين لرأيه وأمره. فالمستبدون يتولاهم مستبد، والأحرار يتولاهم الأحرار.
  • الاستبداد السياسي ثمرة الاستبداد الديني ، فالاستبداد في المسلمين شوّش تاريخ آل البيت ، حيث كرس كهنة المستبد خداع الشعب ، وتثبيت الأوضاع الظالمة القائمة ، وإحباط كل أسباب التمرد والثورة ، بإيهام الناس بأن الاستبداد والفتن قضاء جاء من السماء لا مرد له ، فالواجب تلقيه بالصبر والرضاء ، والالتجاء إلى الدعاء وليكن ردكم: اللهم انصر سلطاننا.
  • الأمر الغريب ، أن كل الأمم المنحطة من جميع الأديان تحصر بلية انحطاطها السياسي في تهاونها بأمور دينها ، ولا ترجو تحسين حالتها الاجتماعية إلا بالتمسك بعروة الدين تمسكا مكينا ، ويريدون بالدين العبادة ولنعم الاعتقاد لو كان يفيد شيئا، لكنه لا يفيد أبدا .

قبره[عدل | عدل المصدر]

الكواكبي حظي بجنازة مهيبة برعاية الخديوي عباس حلمي ، وقد أمر دفنه على نفقته في مقبرة بسفح جبل المقطم . لكن الإهمال طال المقبرة ، وتهدم سورها ، وبجوارها أقيم مقهى شعبي . وفي 22 يونيو 2013 ، في ذكرى مرور 111 عاما على وفاة الكواكبي، وضع حجر الأساس لتجديد المقبرة وبناء مركز ثقافي . في تلك الأيام كانت سفينة الثورة المصرية تتهادى في عماء دخان صراع ثلاثي عسكري سلفي ثوري، وتتأرجح بين اقتراب من شاطئ النجاح ، ومقاومة افتراس القوى المضادة للثورة. في ديسمبر 2016، أعلن عن الانتهاء من ترميم المقبرة .