عمر البشير

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

عمر حسن أحمد البشير (1 يناير 1944) للأمة العربية أن تحتفل بانضمام العضو الأحدث في سلسلة أبطالها التي تبدو بلا نهاية ، فها هو الزعيم السوداني الهمام الفريق عمر حسن البشير يحصل من العالم على نوط العروبة بدرجة فارس . قدر هذه الأمة المسماة بالعربية ألا تعدم في كل عصر وكل أوان أبطالاً من صفوفها ، لكنهم قد صاروا في عصرنا الميمون هذا أبطالاً من نوعية خاصة ، فالعالم يصنفهم كمجرمين وسفاكي دماء ، ويبدو أن هذا وحده كفيل بأن ترفعهم شعوبنا إلى مصاف البطولة والرجولة. لقد تعودنا العيش في رحاب أمثال هؤلاء ، بل نكاد لم نعرف غيرهم على كراسي الحكم ، على الأقل منذ عهود التحرر الوطني الميمونة ، والتي سيطر فيها على مقدراتنا المغامرون والعسكر، لتكتمل الجوقة أخيراً بمشايخ التأسلم السياسي ، ومجاهديه المتمنطقين بالأحزمة الناسفة ، لكن العجب كل العجب من الجماهير ممثلة في صفوتها، وفي جامعة عربية يجلس على ركامها رجل يرفض أن يتقاعد أو ينتحر خجلاً من رؤاه ومواقفه التي تجاوزها الزمن، وصارت محل إدانة أو مسوغ اتهام، وليست مدعاة للفخر.

بمجرد أن أصدرت المحكمة الجنائية الدولية قرار اتهام لهذا البشير، حتى إنتقل فجأة ودون مقدمات إلى قائمة الأبطال الميامين ، التي يحتل المقبور الشهيد صدام حسين صدارتها ، متقدماً على بن لادن والزرقاوي ومقتدى الصدر وحسن نصر الله وخالد مشعل والأسد الكبير والصغير . عجيب أيضاً أن قارعي الطبول وضاربي الدفوف هؤلاء يطالبون في مزاميرهم بالحرية والديمقراطية .

هذا البشير احترف التنكيل بشعبة ، ليس فقط في الغرب في دارفور، وإنما أيضاً في الشرق وفي الجنوب، فهل إلى هذا الحد غاب منا العقل، وصرنا مجرد أسرى العداء مع العالم ، فنتشيع لمن يمارس الحكم إجراماً محضاً، لمجرد أن العالم حاول أن يساعدنا، ويفعل ما عجزنا نحن عن فعله، بوضع أمثال هذا البشير في المكان الوحيد اللائق به خلف القضبان.من الوارد أن نعذر الدهماء وأصحاب المزامير في غبائهم السياسي والإنساني، إذا ما كان الطاغية الذي يعبدونه يلوح لهم بعدائهم الأثير لإسرائيل، كما فعل صدام مثلاً بإطلاق بضع صواريخ فشنك على إسرائيل ، ليموه على جريمته في حق الشعب الكويتي، كما يمكن أن نلتمس لهم العذر إذا ما صدقوا حسن نصر الله وادعاءاته المبتذلة، بأنه يستهدف بعصابته الإرهابية إسرائيل، في حين تثبت كل شمس تشرق، أنه لا يستهدف إلا لبنان الديمقراطي الحر، ليحوله إلى بؤرة للظلام والإرهاب ، لكن هذا البشير لم يلوح لهم بأنه ينتوي تحرير القدس عن طريق إبادة شعب دارفور، فلماذا يقبلون منه ما يفعل، ولماذا يساندونه ولا يبتهجون بقرب سقوطه تحت أقدام شعبه المغلوب على أمره؟

لم يدع البطل الجديد عمر البشير محاربته للكفار ، الذين اتسعت دائرتهم لتشمل كل أصحاب الديانات الأخرى ، بل هو يمارس الإبادة لقبائل مسلمة سنية ، وليست حتى شيعية من الروافض، حسب مقولات أصحاب تنظيم القاعدة إذا كنا نثبت للعالم كله منذ سنوات أننا صرنا أمة يتحكم فيها ويقودها ويحوز شرف البطولة فيها المجرمون الذين يقتلون كل آخر، تحت مسمى كافر أو إمبريالي أو صهيوني أو أي مسمى نشاء أن نمنحه لضحايا شهوتنا وشغفنا بسفك الدماء، فماذا سيفهم العالم الآن إذا ما ساندنا البشير الذي احترف سفك دمائنا نحن ولا أحد سوانا؟

لا أظن أن اصطلاح غيبوبة العقل يكفي توصيفاً لما يحدث الآن على الساحة العربية، فغياب العقل عن أي كائن يحوله إلى مجرد جثة ملقاة هنا أو هناك، لكن لا يمكن أن تؤذي مثل تلك الجثة نفسها، بأن تدب فيها الحيوية، لتنهش في نفسها وجسدها.. هي إذن أقرب لأن تكون حالة هوس جنوني مازوشي، تنقلنا من الهوس بالعداء للعالم ، إلى الهوس بالعداء لأنفسنا ، وربما على علماء الغرب أن يتركوا أبحاثهم لعلاج جنون البقر، ليبحثوا لنا عن علاج لجنون البشر، هذا ما إذا كان يحق لنا بعد الآن أن نعد أنفسنا، أو يعدنا أحد ضمن البشر