لاكتاب:كتاب الأغاني لأبو الفرج الأصفهاني

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث


قرأت مؤخرا في كتاب الاغاني للاصفهاني انه في زمن قطع الرؤوس بالفؤوس وفي زمن شراء النفوس بالفلوس واستبدال البقر بالجاموس يخر شيوخ الطرق سواء كانت دينية او سياسية راكعين لاستجداء البعد عن الجوهر والتمسك بالقشور والتوافه , عن عطية بن الهمشرية عن الحارق الخارق ابن النواحه عن عبد الله بن فرقعة عن النبي انه قال : من لعق ارنبة انفه بلسانه دخل الجنة , فتسابق الناس يحاولون لحس انوفهم بالسنتهم فابتعدت الجنة عنهم لأن ذلك متاح للبقر وليس للبشر .

أن اول ما يصيب الامم في انحدارها من مآس ان يصبح الغناء تافها والموسيقى نشازا وهذا ما يحدث الان في زمن انحدار الامة العربية والاسلامية ,فقد اصبح في البلاد العربية ما ينوف على عشرة الاف مطرب يجترون الاغاني مثلما تجتر البقر ما في داخل امعائها وهبطت الموسيقى الى حال تحسدها الحمير عليه واصبحت النطنطة على المسارح جزءا من الفنون الراقية . ففي الوقت الذي يصبح فيه قطع الرأس عادة مقززة وكأن المقتول دجاجة او عصفورا يحل ذبحه يلجأ شيوخ الفضائيات العربية الى مناقشة التوافه من الامور مثل : هل يجوز للمرأة ان تجامع بعلها بعد الولادة مباشرة ؟ وهل يصح ان نستخدم الخل في طعامنا على اعتبار انه مخمر وكل مخمر نجس ؟ وهل الفساء الذي لا يشعر به المرء ناقض للوضوء ؟ هل يدخل ابن الحرام الذي جاء من غير زواج الجنة ؟ هل تصبح القبعة بديلا للحجاب وما درجة حرمة ذلك ؟

هل زواج الفرند بعد حصول التجربة حلال ام حرام ؟ عند الاستحمام هل تبدأ بالاطراف أم بالجسد ؟ وعندما تغسل اليتك بعد الفراغ من الحمام هل تستخدم اصابعك الثلاثة في الغسل باليد اليسرى ام باليمنى ؟ وهل للشيطان دخل في ذلك ؟ هل ناقة صالح كانت مربوطة ام مفلوت عقالها ؟ هل الخاتم في اصبعك يفسد غسل الجنابة أم لا ؟ وهل اظافر المرأة ان كانت ممنقرة مفسدة للوضوء ؟

وفي الوقت الذي تنخر فيه الاباتشي والصواريخ المستوردة اجساد الأطفال كالدود في زمن القبور وتسيل الدماء شلالات وانهارا يلجأ شيوخ الفضائيات الى الخرافة مثل : هل الجبة والقفطان من ضرورات المشيخة ؟ وهل كان الخلفاء العثمانيون ساسة ام رجال دين ؟ وهل نحترم العقل في لجوئنا للامور ام نحترم القلب ؟ هل نلتزم بأوامر اولي الامر منا رغم فسقهم وفجورهم ومعرفتنا انهم يلتزمون باوامر أمريكا وهل طاعتهم ضرورة ؟ هل تحلم الانثى بالذكر وقت السحر او عند طلوع الفجر ؟ واذا ما حلمت هل تغتسل ام تظل على نجاستها وما اسرار الاحلام وتفسيراتها ؟ وهل نضحك حتى تبين منا النواجذ أم نبتسم فقط لأن الله قال لنا : ولا تفرحوا ان الله لا يحب الفرحين ؟

وفي الوقت الذي تنتشر فيه المخدرات وتغزو اجساد الشباب في الوطن العربي والاسلامي وفي الوقت الذي اصبح العقوق عند الشباب موضة والسرقة والاحتيال والنصب بطولة يبحث اولئك الشيوخ عن معركة بدر وأحد ومن مات ومن عاش في ذلك الوقت ؟ من منهم يدخل الجنة ومن يدخل النار ؟ من كان منهم معنا ومن كان ضدنا ؟ ثم يعرجون على معارك الخندق والقادسية واليرموك وفواكه الجنة واجساد الحوريات ورقابهن عندما يشربن الماء فتبين مسارب الماء لرقتها وشفافيتها . اكثر من هذا يقسمون الحوريات على بعضهم البعض ويذكرون فحولة الرجال في الاخرة وكأن الدنيا والاخرة قد فرغت من كل مصائبها ولم يبق غير ممارسة البغاء او الجنس للوصول الى عقل المستمع المحروم . ولا يعطينا احدا منهم ما يجب فعله وما يتوجب السير فيه لايقاف النزف في اجساد الشباب وأرواحهم .

ولقد علمت من احد المصلين ان شيخا يعظ في مسجد ما في مكان ما قد أضاع من اوقات الناس اسبوعا وهو يتحدث عن فواكه الجنة وعن طولها وعرضها والشوارع والاشجار فيها والعمارات المبنية بالياقوت والزبرجد والخزف والذهب والفضة وكان يكفي ان يقول ان اوصافها لا عين رأت ولا اذن سمعت . وكأن جنابه قد دخل الجنة وفي يمناه متر قاس عرضها وطولها وحفظ اشجارها وشوارعها وعماراتها عن ظهر قلب فجاء للناس يحدثهم عما رأى .

ايها السادة .. والسيدات , نحن لسنا ضد تاريخنا ولا نتجاهل ماضينا ولكن سرعة الضوء غدت مقياسا للتقدم الحضاري في هذه الايام واستغراقنا في توافه الامور قد جعلنا امة متخلفة لا تقوى على مجاراة حتى من يعيشون في مجاهل الامازون او البلاد التي لم تصل اليها الكهرباء بعد , فقد وصل العلم الى ان ينطلق صاروخ من بارجة في عرض البحر لكي يضرب عقر دار الزعيم المستهدف ويصيبه بنسبة مائة بالمئة ثم يسقطه عن عرشه كأنما هو قشة على ظهر بعير ونحن لم نزل نبحث عن نواقض الوضوء وعن شعر المرأة ان كان عورة ام لا .