مذبحة ميدان رابعة العدوية

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
مذبحة ميدان رابعة العدوية
المذبحة
المكان القاهرة
التاريخ 14 أغسطس 2013
نوع المذبحة تصحّر إنساني وجفاف قيمي
الأسلحة مكافحة الضمير الإنساني
القتلى 817 - 1000
الجرحى 3,394
المنفذ
الجهة المنفذة قوات الأمن المركزي المصرية
الجهة الممولة الباحثون عن السلطة في مصر
الجهة المباركة السعودية , الإمارات
الدافع وراء الهجوم

تغيير خريطة الإنسان لتغيير خرائط الأوطان

مذبحة ميدان رابعة العدوية حدثت في 14 أغسطس 2013 , سقط فيه بين 800 - 1000 قتيل حسب تقديرات هيومن رايتس ووتش , مراقبة حقوق الإنسان . لم تكن مذبحة ميدان رابعة العدوية جريمة محلية الصنع ولا كانت ، فقط ، جريمة ارتكبها باحثون في مصر عن السلطة ، أو مجرد إجراء إجرامي لازم لحسم صراع ، وانتزاع مكسب سياسي . هي قبل ذلك وبعده ، فعل اقتلاع واجتثاث ، وتغيير للبنية النفسية للمواطن العربي ليس في مصر وحدها، من أجل فرض معادلاتٍ جديدة ، في السياسة وفي الاقتصاد وفي الاجتماع السياسي .

كانت إجراء مقصوداً في ذاته ، وليس فقط وسيلة للحكم والهيمنة ، ذلك أنها كانت الجسر الذي عبرت عليه قوات مكافحة الضمير الإنساني ، وقتل العقل الجمعي ، أو بالحد الأدنى هدمه وتخريبه ، لكي يقبل ما يأتي لاحقاً من قيم ومرتكزات ومفاهيم جديدة للوطن والوطنية والمواطنة . الجريمة فكراً وتنفيذاً وسلوكاً ، تحولت إلى أحد مرتكزات السياسة العربية الجديدة ، بحيث صارت سلاحاً مشهراً طوال الوقت للإخضاع والسيطرة ، ولم تكن زلة لسان تلك التي نطق بها السعودي عبد الرحمن الراشد ، مدير قناة العربية السابق ، وهو يهدد قطر بمصير معتصمي ميدان رابعة العدوية ، إن لم تذعن لتهديدات دول الحصار وضغوطها .

رابعة تنتقل من كونها جريمة دم تؤرق ما بقي حياً من الضمير الإنساني ، إلى سلاح رادع وفتاك يباهي به الذين يملكونه ، ولا يجدون غضاضة في الاعتراف بحيازته والتلويح به. بعد سنوات من المذبحة ، يتضح أن المقصود لم يكن فقط الإجهاز على الخصم السياسي ، وإنهاء وجوده ، وإنما القضاء على الإنسان ، من خلال محو قدرته على التفكير الأخلاقي وإيمانه بقيم مثل العدل والخير والحق والجمال ، أو بالأحرى فرض أنماط فاسدة من هذه القيم وزرعها فيه، بالإلحاح المتواصل عليها، والتخويف المستمر من التمسك باعتناق عكسها ليسود في نهاية المطاف نموذج المواطن الوغد الذي يهتف للقوي ويصفق للفائز ، ويلعب أدواراً إضافية في انتهاك الضحية، طلباً للنجاة ، وقرباناً للباطش المسيطر.

كانت رابعة الموقف التي استسلم فيه الجميع لفكرة الحياة من دون ضمير ، ولو لوقت مستقطع ، بعضهم خوفاً ، وبعضهم طمعاً ، وجلهم من باب الانتهازية ، وصاروا قناصة، مثل المجموعات التي تمركزت أعلى البنايات المطلة على الاعتصام ، وصبت رصاصها على النساء والأطفال والرجال والشيوخ ، لينتهي الأمر بأن الدماء طالت الكل الذي ضغط على الزناد ، وحرّض بالقلم ، والذي قصف بالميكروفون ، والذي صمت ، رعباً ، والذي رقص انتشاءً، والذي صفق إيثاراً للسلامة ، فتحول الوطن إلى بحيرة دماء ، لم تجف حتى الآن.

وتبقى أفدح الخسائر هي الهبوط الحاد في قيمة الإنسان العربي ، محلياً وخارجياً ، نتيجة منطقية لحالة من التصحّر الإنساني والجفاف القيمي . كان المستهدف القضاء على ما وصف بـ إنسان ما قبل الفضّ وإفساح المجال لكائناتٍ بشرية ، كتبت نص الاستقالة من إنسانيتها ، بدم الذين حرضت على التخلص منهم ، وبات أقصى طموحها البقاء على قيد الحياة ، في مراعي القتل والظلم الممتدة ، بطول الخرائط وعرضها. كان الهدف تغيير خريطة الإنسان ، طريقاً مضموناً لتغيير خرائط الأوطان ، بالبيع والمقايضة والتأجير والارتهان ، غير أن ما يصيبك بالأسى هذه الأصوات التي تريد منك الإذعان للسائد بزعم الواقعية والإقرار بأمر واقع ، كل موازين القوى فيه لصالح القتلة والمجرمين، تلك النغمة التي يهرف بها من كنا نظن أن العطب الإنساني لم يصل إليهم بعد.

تدهشك في هؤلاء تلك الرغبة الكاسحة في التعايش مع القبح ، بحجة أنك لا تملك أدوات صناعة الجمال، والاستسلام للفساد ، بزعم عدم القدرة على مقاومته ، والتأقلم مع الاستبداد ، وملاطفته وملاعبته سياسياً ، بانتخابات هو صانعها ومديرها ، بذريعة أن آليات التغيير الجذري غير متاحة ، ثم يبتزونك بالسؤال: ما العمل، ما البديل ، سوى الإذعان لقوة الواقع الكريه ؟ كان من الممكن أن يكون لهذا السؤال الابتزازي جدارة، لو أن تجربة السنوات الماضية أثبتت أن التنازلات تفيد ، والتراجعات والمواءمات تثمر. الحق هو البديل ، والعدل هو الاختيار . البديل أن تتمسك بأن تعيش إنساناً.

كانت مقدمات المذبحة تقوم على عمليات النهش اليومية فى سمعة معتصمى ميداني رابعة العدوية والنهضة ، بطريقة أقرب إلى اعتبارهم كائنات مستباحة ، فى إطار المشروع القومي لتشويه الاعتصام ، وتصوير المعتصمين وكأنهم مجموعة من مصاصى الدماء. وفي مقابل ذلك ، أو بموازاته ، يتحدثون عن مخازن أسلحة ومقابر جماعية ومضاجع لنكاح الجهاد ، ومزارع للبط ، وميادين رماية في شقق سكنية ، لا تزيد مساحتها عن مائة متر للتدريب على العمليات المسلحة ، بالإضافة إلى استدعاء كل تجار الرداءة والبذاءة ، لينهالوا على أولئك الثائرين بكل عبوات القبح . ومن عجبٍ أن من أهل يناير من كان يتماهى مع ذلك السلوك الإعلامي الإجرامي ضد اعتصامات رافضي الانقلاب ، وكأنه اعتصام أبناء البطة السوداء ، كما وصف في ذلك الوقت .

فى ميدان رابعة العدوية كان اعتصام أنصار محمد مرسي اعتصام سياسي غلب عليه السمت الإسلامى فى مشهد لا تخطئه عين، ويتوسطه منصة كبيرة، كثيرا ما يعتليها رجال الدين والدعوة، ولو كان اعتلاؤهم للدعوة والإرشاد فقط، فأنعم به, أما للرأي السياسى ولرسم الخطط والسياسات فكان الأولى أن يتركوه لقياداتهم السياسية. ومن مجمل التصريحات التى أطلقت فى الاعتصام بأن الملائكة معهم ترقب الاعتصام وتشاركهم في الصلوات والدعوات, وكيف أن رؤى الصالحين قد تواترت وتكاثرت, فهذا أخ صالح من السعودية رأى بأن جبريل عليه السلام، ونفر من الملائكة يجالسون المعتصمين بالمسجد, وهذي أخت أيضا لا نشك في صلاحها وتصوم كل اتنين وخميس رأت الرئيس مرسى يتقدم الرسول ونفرا من الصحابة فى الصلاة, وهلم جرا من الرؤى والأحلام الصالحة ، والتى لايعلم صحتها، إلا الله، وما أسهل أن ننسب كلاما لأحد الصالحين. وكيف أن الرئيس محمد مرسي لم يعد رئيسا، بل أصبح خليفة لكل المسلمين, وهلم جرا من تصريحات الشيخ محمد عبد المقصود ومتلفزات الشيخ وجدي غنيم وآخرين كثر يمنعنا الحديث عنهم أنهم مغيبون خلف الأسوار، وغيرهم من دعاه مغمورين تصدروا لتحريك الجماهير ورسم الخطط والترتيبات السياسية .