مسيرات العودة

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

مسيرات العودة الكبرى أو احتجاجات غزة الحدودية 2018–2019 , مسيرات في العديد من المناطق في فلسطين في الذكرى السنوية الثانية والأربعين ليوم الأرض الفلسطيني وهو يوم يُحييه الفلسطينيون في 30 آذار من كلِ سنة، وتَعود أحداثه لآذار 1976 بعد أن قامت السّلطات الصهيونية بمصادرة آلاف الدّونمات من الأراضي ذات الملكية الخاصة في حدود مناطق ذات أغلبية سكانية فلسطينية . مسيرات العودة كانت محل اختلاف بين مؤيدين منهم وطني على نياته ورباني له غاياته ومعارضين رأوا انها مسيرة مسيسة بشكل مكشوف بالنظر الى عدم الثقة بين قطبين رئيسين في ظل المناكفات والمناورات واحتكاكات وتصادمات بدأت منذ انشاء المجمع الاخواني عام 1982 وافضت الى الانقسام المستمر منذ 12 عاما ومحاولات الهروب الى الامام والتملص من استحقاق التمكين الطريق الوحيد الممكن الذي يفضي الى المصالحة والانتخابات . حلت المسيرة بقصد محل يوم الارض المنسي تقريبا من الجميع وبدأنا نرى الفصيل الرباني البراجماتي يتغنى بالارض والوطن ويمتطي بامكانياته وقدراته اللوجستية. بغال المسيرة الفتية باتجاه الحدود ! بعيدا عن المزايدات والتثبيطات والتشكيكات والتخوينات ما الثمن الذي دفعه الشعب والفصائل وكذلك الثمن الذي دفعه الجيران .

ماذا دفعنا نحن ؟ 300 شهيد و 2500 جريح وكتائب من المعاقين المهملين تنضم الى فيالق التحرير في السجون وتدمير بيوت وابراج فوق ماهو مدمر أصلا من حرب 2014 وضنك اكبر في لقمة العيش مع تشديد الحصار و50% من الراتب وفرض المزيد من الضرائب على المواطن المنهك من الحكومة الفعلية وشباب محكوم يائس يواصل الانتحار حرقا أو غرقا بهجرة هربا من الجحيم بتواطؤ الحاكم مع مافيا المعابر وبرغم الــ100 دولار والسلال الغذائية لناس وناس من الامارة القطرية الا ان الحالة الاقتصادية وسعت الفوارق الطبقية مما ادى بوضوح الى انقسام شعبي بين اغلبية 95% مغلوبة اكثر انسحاقا وعوزا ،وقلة ال5% الحاكمة و الموالية مستفيدة من حالة الانقسام لتصبح أكثر ثراءا وغنى , عدا التدهور من دلف الى مزراب في الحال السياسي والاقتصادي والاجتماعي والانساني زاده سوءا دخول الهراوة الربانية بوحشية على الخط في شهر بدنا نعيش .

ماذا دفعت الفصائل ؟ دفعت أموالا لتمويل بناء معسكرات العودة وسيارات بميكرفونات تدعو للحشد والنفير وحافلات تحمل المواطنين الى خط المواجهة ويافطات وشعارات واعلاما فلسطينية فقط ومناسف ونواشف لاطعام الحشود في فعاليات ليس هدفها العودة بقدر ماهو اثبات الوجود !خاصة حماس التي وجدت في هكذا فكرة طوق نجاة للهرب من استحقاق التمكين أولا فركبت الموجة وامسكت بالدفة وساعدها على ذلك الفصائل الوطنية التي أنطلت عليها لغة حماس الوحدوية الذكية الطارئة حيث تخففت من لغتها الاخوانية وهي تلبس فجأة ولأول مرة ثوبا وطنيا براقا!

ماذا جنت الفصائل ؟ بالنسبة للفصائل الوطنية من جبهات وحزب شعب . لم تجن شيئا وانما خسرت جزءا اضافيا من رصيدها الضئيل أصلا وبدت مستغفلة رغم الظهور الاعلامي المهزوز على منصة القيادة العليا للمسيرة اما بالنسبة حركة لجهاد فقد كانت احسن حالا على الاقل اعلاميا بعد ان اصبحت بفضل النخالة نسخة اخرى من حماس وتدور في فلكها اما حماس ذاتها فقد كان لها نصيب الاسد اعلاميا وماديا فعلى الصعيد الاعلامي ظهرت كقائدة وموجهة للمسيرات تتحكم في رفع مستوى العنف واعداد الضحايا للضغط وخفضه الى حد التهدئة لجني الارباح السياسية والاقتصادية التي كان ابرزها التمكن أكثر من السيطرة على القطاع والنجاح في الافلات من مصيدة التمكين العباسية واصبحت الرقم الاول عمليا الذي تتعامل معه مصر واسرائيل للوصول الى تهدئة مستدامة! وكذلك فقد خففت قطر عن كاهلها المرهق بأموال البصمة قليلا من الازمة الاقتصادية المستفحلة!

ماذا دفعت اسرائيل ؟ تضرر34000 دونمًا في مستوطنات الغلاف، باندلاع 1855 حريقًا بواسطة الطائرات الورقيى والبالونات , مع ارباك ليلي واصابة بعض المباني في مستوطنات الغلاف وخسائر اقتصادية بملايين الشيكلات ورشقات من الصواريخ الى عسقلان وتل ابيب.

ماذا جنت اسرائيل ؟ جنت اسرائيل ترسيخ امريكي لكيانها باعتبار القدس عاصمة لها. ومن بعد الجولان . وتقارب اسرائيلي عربي خليجي في اطار تطبيع ممنهج. وتراجع الدعم الدولي نسيبا للقضية الفلسطينية ونقل بعض السفارات للقدس وتغول اسرائيلي في الضفة الغربية والقتل بدم بارد على الهوية في ظل تفاخر النتن في حملته الانتخابية انه لم يقتل بسبب المسيرة أي يهودي !أما اكبر انجاز لاسرائيل انها كسبت شرطيا قويا يحفظ لها الامن والامان بالمجان في ظل تهدئة طويلة مقابل بضعة ارطال اضافية من السمك ودعم قطري مشروط بالهدوء للكهرباء وربما ميناء ووعود بتشغيل بعض العاطلين عن العمل .

مسيرة العودة على مدار عام رغم كل التقدير لشهدائها وجرحاها . لم تكن الا مغامرة فصائلية سياسية كمغامرات سياسية كثيرة سابقة من بعض وليس كل الكل الفلسطيني لتحريك مياه غزة الراكدة والافلات من استحقاقات المصالحة وكانت التكلفة البشرية والمادية اعلى بكثير من المكاسب الفصائلية التي لن تعدو في اقصى توقعاتها كيانا سياسيا ساقطا في غزة اقل من دولة واكبر من حكم ذاتي تابع لاسرائيل امنيا ومنتعش الى حد ما بمليارات من الدولارات يتطابق مع صفقة ترامب ورغبات اسرائيل الامنية ! وكون حماس لاتزال مفتونة باستمرار حكمها غزة في ظل انتخابات اسرائيلية اكثر تغولا ويمينية وتهرب الدولي من قراراته الشرعية و الصعوبات الجمة التي تواجه السلطة الفلسطينية في رام الله وماراثون التطبيع الخليجي المتسارع مع اسرائيل فان المنصب الثلاثي يكاد يكون جاهزا لقدر الطبخة الامريكية الشهية ! ولا عزاء لكل الاطراف الغبية ! لكن هناك رقم صعب تتغافل عنه وتستهين بقدراته دائما كل الاطراف المنخرطة بشكل او باخر في الاعداد للمشهد القادم الا وهو الشعب المحبط المقهور. هذا الشعب الذي قام بالانتفاضات من حيث لم يتوقع أحد ودون الدخول في رومانسية الشعار قادر باذن واحد احد وفي لحظة ان يقلب الطاولة .