عيد الحب

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
(بالتحويل من يوم الحب)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

يوم الحب أو عيد الحب , 14 فبراير , يوم القديس فالنتين (بالإنجليزية: Valentine's Day) , يوم يتحايل فيه العشاق العرب على مجتمعاتهم ، وكومة أعرافهم وتقاليدهم ، لتهريب وردة حمراء إلى محبوباتهم . يتسللون كاللصوص ، ليرتكبوا جريمة الحب ، فيسلكوا أزقة ضيقة ، وطرقاً ممنوعة ، كي لا يكتشفهم أحد من معارفهم ، وفي أيديهم أداة الجريمة ، فتكون الفضيحة التي تطاردهم طوال حياتهم ، تهمة العشق ، وهي تهمة تضاهي الصعلكة ، في الزمن العربي الأول، والتي ألصقت برهط من المنبوذين الذين تمردوا على شروط القبائل .

مطلوب من الرجل العربي ألا يبكي ، وألا يحب ، وألا يكون رومانسياً ، وألا يظهر أي عاطفة من تلك المساحة الإنسانية الشفيفة التي يجهد لوأدها، حتى يستكمل شروط الرجولة و الفحولة . أما الأعذار التي نتدجج بها لوأد الحب ، فما أكثرها ، وفي مقدمتها الوضع لا يسمح ، والأمة في حالة حرب ، و الشعب جائع ، وكأن المحاربين لا يحبون، والفقراء لا يعشقون . تمنيت لو أكمل العرب دائرة ولعهم بالماضي ، فضموا إليها فتوحاتهم العاطفية ، إلى جانب فتوحاتهم الأرضية ، غير أنهم طمسوا هذا الفتح عن قصد ، تماماً كما طمسوا الفلسفة ، لحساسيات دينية ، أقنعهم بها وعاظ منغلقون ، ومفتون محدودو الفكر والأفق .

لو نبش العرب تاريخهم العاطفي ، لوجدوا ألف عيد بديل من فالانتين ، هذا الراهب الذي لا يُضارع ، بأي حال ، عاشقاً متمرساً، مثل مجنون ليلى ، ولأصبح العيد الذي يحتفلون به هو عيد المجنون ، مثلاً . ولو شاءوا المزاوجة بين الحب والحرب التي يعشقونها ، لجعلوا العيد باسم عنترة ، الذي أخفق عامداً متعمداً في التفريق بين التماع السيف وإشراقة ثغر المحبوبة . عند الحب والمشاعر الإنسانية تجمد العرب عن نبش أمجادهم التاريخية ، واستبدلوا الحبيبة بـ السبية ، استناداً إلى مفاهيم دينية مغلوطة ، فأصبحت المرأة في نظرهم مجرد كائن مقيد بأغلال التبعية وتفريغ الشهوات ، ولا يملك حق الاعتراض على مشيئة المنتصر الذكر ، الذي لا يجد في نفسه حاجة لبذل العاطفة والمشاعر ، ما دامت السبية رهن ذكورته.

في المقابل وصم العرب قيس بن الملوح بـ المجنون ، لأنهم رأوا في عاطفته المتأججة ضعفاً لا يليق بالرجل ، ولكي يقطعوا الطريق على من يحاول محاكاة أسلوبه في العشق ، على الرغم من شاعريته الفذة ، وحكمته البليغة التي تؤهله لأن يكون أعقل العرب ، وربما العاقل الوحيد في نهجه العاطفي الصادر عن شغفٍ مفرط بالعشق والحياة . كما نسي عرب اليوم أن أجدادهم من شعراء العصر الذي وصم ظلماً بـ الجاهلي اعتادوا ، في مطالع قصائدهم ، على التغزل بحبيباتهم ، حتى لو كان موضوع القصيدة أمراً مغايراً تماماً، كالحرب أو إسداء النصائح ، وبذل الحِكم ، وكأنهم يودّون تمرير رسالة مفادها بأن الحبيبة هي فاتحة الحياة ، ومطلعها، وهي من يحقّ لها أن تكون رأس الهرم في القلب والمجتمع على السواء.

أما عشاق اليوم من العرب ، فيعيشون تمزقاً عنيفاً، وانفصاماً مريعاً ، بين شروط الحب التي تقتضي حرق السفن أحياناً ، وصولاً إلى قلب الحبيبة ، وشروط مجتمع قبلي وتاريخ مبتور ، أشبه بـ الحب في زمن الكوليرا ، لا الحب في زمن العرب ، على الرغم من اختلاف الروايتين ، ذلك أن ماركيز إنما كان يعني أن الحب أقوى من كل الأوبئة ، وأشد ديمومة من الزمن بكل صروفه ، بعكس العرب الذين يتذرعون بأوهى الحجج ، لجعله خارج سلم أولوياتهم ، على الرغم من اهتراء سلمهم كله .

وفق قانون الاستعمال والإهمال ، لا عجب إن اختفت قلوبنا يوماً عن أجهزة الأشعة ، ولو كانت هناك أجهزة لكشف العواطف والمشاعر ، لأدهشنا انقراضهما ، ولما رأينا هناك سوى أطياف عاقل ليلى ، وجميل بثينة ، تحلق على الشاشات ، لتبلغنا أن لنا حديقة تاريخية في العشق والحب ، علينا استعادتها من مقصات رقباء التزييف ووأد المشاعر ، وقطف زهورها الحمراء من دون خجل ، لإهدائها إلى حبيباتنا ، كلما عن لنا الاحتفال بعيد الحب العربي .