الإسلام السياسي

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

الإسلام السياسي مصطلح انضم إلى أعدائه فخامة الرئيس الليبرالي عبد الفتاح السيسي ، بعد أن أعلن هذا صراحة في لقائه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في نيويورك قائلا : أن هذا الإسلام هو السبب الحقيقي في عدم الاستقرار الحقيقي في منطقة الشرق الأوسط ، كما عاود تكرار التحذير نفسه في منابر أوروبية ، حظيت بمعانقة أنوار وجهه الصبوح . باختصار إذًا ، يحمّل الرئيس العلماني جدا الإسلام السياسي المسؤولية الكاملة عن قلاقل منطقتنا واضطرابها ، وربما تخلفها أيضا، على الرغم من أن هذا الإسلام لم يحكم أي بلد عربي منذ انهيار الدولة العثمانية . ولكي يتخلص السيسي من هذا الخطأ التاريخي الذي زج نفسه به ، زعم أن الساعين إلى بلوغ سدة الحكم من الإسلاميين السياسيين هم سبب اضطراب المنطقة .

نحن على دراية تامة أن السيسي ، وأضرابه من زعماء العرب العلمانيين ، إنما يركبون موجة العداء الغربي لإيران ، ليس لأنها الدولة الوحيدة في المنطقة التي يحكمها الإسلام السياسي ، بل لأنها دولة خارجة على مصالح أمريكا والغرب في المنطقة ، ولأنها الدولة الأخيرة التي لم تزل تناصب الكيان الصهيوني العداء ، ولا تعترف بإملاءات الأمر الواقع ، فلو كانت إيران على الموجة ذاتها بإسلامها السياسي ؛ لأصبح هذا الإسلام موضع إعجاب وتقدير من الولايات المتحدة وتل أبيب ، والغرب عمومًا، لأنها أنظمة غير معنية بمعتقداتنا ومبادئنا ، إلا حين تصطدم هذه المعتقدات والمبادئ بمصالحها، وتهدد الكيان الصهيوني الذي خلّص تلك الأنظمة من عقدة اليهود في بلادها . غير أن ما يفجر مخزون غيظنا أن نرى حكامنا يكرسون صورتهم الهزلية أدوات تتحرك على الريموت كونترول، وتردد كالببغاوات تخرصات ترامب وترهاته ، بشأن ثاني أكبر الديانات ، حتى وإن كان إسلامًا سياسيًا، وسعى بعض معتنقيه إلى بلوغ سدة الحكم ، فذلك حق لهم ، لا يختلف عن حق الليبراليين السياسيين، والعلمانيين السياسيين في الهدف ذاته. أما أن نحملهم مسؤولية اضطراب المنطقة وتخلفها ، فهو اتهام باطل ومردود على السيسي ورهطه.

الواقع ، كان على السيسي أن يعترف بأن سبب اضطراب المنطقة ، في المقام الأول هو الكيان الصهيوني الذي اغتصب أرضًا وشرد شعبًا وعاث في المنطقة فتنة ومؤامرات وأجهض المشاريع النهضوية والعلمية العربية؛ لإبقاء العرب رهن التخلف والجهل. وكان عليه أن يعترف بأن من أسباب الاضطراب أيضًا، طغاة صغار عبيد يعبثون بمصائرنا من على سدد الحكم ، يكرسون القُطريّة ويعرقلون الوحدة ويسهرون على مصالح إسرائيل وأميركا أزيد من كلب أمين ولا يرون شعوبهم إلا بالمجاهر المكبرة ، أو في سجونهم وأقبية زنازينهم التي جعلوها الاستثمار الوحيد الذي ينبغي الإنفاق عليه، بنى تحتية وفوقية، مع ملحقاتها بالطبع، من أجهزة أمنية لا تحفظ غير أمنهم الشخصي.

الأهم من هذا وذاك على السيسي أن يقر ، نيابة عن نفسه وعن رهط زملاء له من حكام العرب ، بأنهم هم أول من كرس مفهوم الإسلام السياسي الذي يحاربونه الآن ، عبر توظيف دعاة وملتحين ومفتين في مؤسسات حكمهم ، لإسباغ الشرعية الدينية على انقلاباتهم ، واختراع ألف مبرر ومسوغ لطغيانهم وجرائمهم ، وجعْل يوم انقلاب السيسي على نظام منتخب عبر صناديق الاقتراع ، يومًا كفتح مكة ، وفق المفتي المصري الجليل علي جمعة أطال الله لحيته . وعلى ترامب الذي يلقن السيسي وأقرانه أحقاده الكريهة أن يعترف بأن أمريكا وتماثيلها في منطقتنا هم من أنبت الجماعات المتطرفة ورعاها، هذه التي جعلوها رمزًا للإسلام السياسي ، على غرار داعش والقاعدة وغيرهما ؛ لترهيب المسلمين من إسلامهم أولاً ، ولتخويف العالم من هذا الدّين. ولو كان هذا الترهيب يشمل الديانات كلها لكنا التمسنا عذرًا لهم ، ولكن أن يشجع ترامب اليهودية السياسية من خلال الاعتراف بإسرائيل دولة لليهود فقط ، فذلك كفيل بالكشف عن سائر النيات الخبيثة والماكرة التي يضمرها الغرب لدين بعينه . أخيرًا، على الإسلام السياسي الذي هدد السيسي بضربه أن يُبْشِر بطول سلامةٍ.