دجاج

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
التصنيف العلمي
المملكة الحيوانات
الشعبة الحبليات
الطائفة طيور
الرتبة دجاجيات
الفصيلة تدرجية
الجنس دجاج مغترب
معلومات عامة
مشاكل فلسفية معضلة الدجاجة والبيضة
تشابه مع الإنسان قابل للتنويم المغناطيسي
دجاج مطالب بالحرية الكنتاكي فرايد

الدجاج حيوان من الطيور الدواجن ، قصير الجناحين والذنب , لا تعرف مفهوم المواطنة، بدليل حنينها الذي ما يزال قائمًا لمزرعة الدجاج التي نشأت فيها . فالمزرعة هي وطن وهمي تم إعداده ، على عجل ، من أجل تسمينها وتهيئتها للذبح فقط ، وليس للإقامة فيه ، أو لبناء أسس المواطنة على أساس العقد الاجتماعي المتعارف عليه .الدجاجة تنطق بمناقير ملايين الدجاجات التي تهجع في أقفاصها ، وفي أعينها نصف إغماضةٍ على حنين ممضّ إلى تلك المزارع البعيدة التي شهدت ولادتها بالحرارة الاصطناعية ، لا بدفء صدور الأمهات ، وغذّيت بالأعلاف الكيميائية لتسريع نموها واكتناز لحومها ، ووضعت مع رفيقاتٍ يشبهنها ، لتعزيز إحساسها بـ المواطنة ، حتى باتت تعتقد أن المزرعة وطنها الحقيقي الذي ينبغي أن تحيا كامل مواطنتها فيه، وأن تموت من أجله ، إذا استدعى الأمر ، لكنها فوجئت ، بعد اكتمال لحمها وشحمها ، بصاحب المزرعة، وقد أعدها للبيع بعد أن قبض ثمنها كاملاً .

غير أن الدجاجات تتغلب على هذه الصدمة الأولى ؛ لأن القضية لا تتعدى الانتقال من قفصٍ إلى قفص آخر ، فتعاود نصف الإغماضة المعهودة ، وفي قلوبها الصغيرة أمل بالعودة يوماً إلى الوطن المزرعة . وهو ما لا يتحقّق ألبتة ؛ لأن المزرعة ليست على استعدادٍ لتقبل دجاج انتهى أوان تسمينه . والسؤال الملح هنا : أي هدف تلمح له تلك الدجاجة المنكوبة من سؤالها عن المغتربين العرب في دول الخليج ؟ . نودّ أن نقول للدجاجة إن مصطلح الوطن الوهميّ لا يقتصر عليها فقط ، بل يشمل الوطن العربي ، الذي تحوّل ، بدوره إلى مزارع وهمية لا هدف لها غير إعداد مواطنها على عجل وتصديره إلى الخارج ، وبيعه إن أمكن ، إلى دول الخليج ، وانتظار العوائد من بيض الدجاج.

تحويلات المغتربين في الخليج أصبحت تحتل ، في معظم أقطار الوطن العربي ، المصدر الرئيسي للدخل القومي ، في حين تستحوذ السياحة الترفيهية والعلاجية والتعليمية لخدمة رعايا دول الخليج على المرتبة الثانية ، بمعنى أن البلاد العربية خارج المنظومة الخليجية ترسم خططها الاقتصادية كلها اعتمادًا على الخليج فقط ، فالمواطن يُعدّ نفسيًا وتعليميًّا واجتماعيًا في المزرعة المسماة عرضًا وطن، من أجل التصدير إلى دول الخليج ، فيكون أقصى طموحه المعيشي أن ينجح بالحصول على فرصة عمل في الخليج ، بعد أن أقنعته الدولة بذلك طبعًا ، والمزارعون يبذرون ويزرعون ، وفي ذهنهم حلم تصدير منتجاتهم إلى الخليج ، والأطباء ينشئون المستشفيات والعيادات لاستقطاب المرضى من دول الخليج ، والأمر ذاته ينطبق على المنظومة التعليمية وغيرها.

على هذا النحو، يعيش المغتربون انفصامًا داخليًا بين وطن لا يحترم مواطنتهم، إلا إذا اقترنت بتصديرهم خارجًا ، وحنينٍ إلى وطن حقيقي ، كانوا يرغبون بخدمته ، والإسهام في بنائه ، وهم يعيشون على ترابه ، لكن وطنهم رسخ في أذهانهم أن المواطنة الحقيقية تكمن في اغترابهم عن الوطن . أيضًا، ولمزيد من الأمانة العلمية ، سألتني تلك الدجاجة سؤالاً : تُرى، ماذا يحدث للمغتربين إذا لبوا نداء الحنين ، وقرّروا العودة إلى وطنهم يومًا ؟ . عند هذا السؤال ، تذكّرت ما حدث للمغتربين العرب الذين طردوا من دول الخليج إبّان حرب الخليج عند غزو العراق الكويت، وكيف باتوا محط ضيق وتبرم حكوماتهم وشعوبهم معًا، فقوبلوا بالجحود والنكران ، وضوعفت عليهم إيجارات البيوت إلى أرقام فلكية ، وهكذا تم أكل عظمهم ، بعد استنفاد لحومهم سابقًا خلال رحلة اغترابهم . لكن، عندما هممتُ بالإجابة كانت دجاجة المزرعة قد ذبحت .