عذاب القبر

من بيضيبيديا، الموسوعة الفارغة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

عذاب القبر خرافات تنتمى إلى ما قبل الميلاد , من اختراع المصريين والسومريين والبابليين القدماء نسبت الى الرسول محمد ويتم تكفير من ينكرها . الحضارة المصرية هي أقدم الحضارات ولها تأثير مباشر علي كل ما حولها من حضارات مجاورة. وحساب القبر بنعيمه وعذابه من أهم ثوابت الديانات الفرعونية . المصري القديم كان شديد الاهتمام بالحياة الآخرة فى شعائره الدينية وكان اهتمامه بمصير الجسد بعد الموت كبيرا حتي يظل الجسد سليما وصالحا لاستفبال الروح عند عودة الحياة ، خاصة بعد طغيان عقيدة إيزيس وأوزوريس حيث يأمل الميت أن يعود للحياة السوية تشبها بما حدث فى أسطورة أوزوريس الذى عاد للحياة بعد الموت .

الشعائر الجنائزية لما بعد الموت تكشف عن مصير الميت بعد دفنه وحسابه أمام أوزوريس إلإله العظيم للموت والموتى وسيد القضاء فى القبور . ويقرر إرمان فى كتابه ديانة مصر القديمة أن الميت يصحو فى القبر ليس على صورة شبح خيالى وإنما يبعث متجسدا ، أى يصحو بجسده . ونقرأ فى الفصل الخامس والعشرين بعد المائة من كتاب الموتى مشهداً لمحاكمة الميت فى قبره حيث يجلس أوزوريس على عرشه وأمامه رمز أنوبيس وأبناء حورس وآكل الموتى وهو حيوان مرعب هيكله خليط من تمساح وأسد وفرس النهر، ويجلس قضاء أوزوريس ، قضاة المحكمة وهم على أشكال مخيفة ولهم ألقاب مفزعة وعددهم اثنان وأربعون قاضياً بعدد مقاطعات مصر القديمة . ويتقدم الميت مرتديا ثوبا من الكتان مخاطباً أوزوريس وباقي الآلهة بالتمجيد والتحية ثم يبدأ بالدفاع عن نفسه 36 مرة لأنه يخشي ألا يصدقوه وينفى وقوعه فى شىء من المعاصي , ويذكر الميت كيف كان خيراً يعطي الخبز للجائع ويقدم الماء للعطشان و يكسى العاري .

يتم حساب الميت بوزن قلبه في كفة ميزان كبير وبالكفة الأخرى ريشة ماعت ألهة العدالة ويسجل تحوت كاتب الآلهة النتيجة على لوحة ثم يخبر بها أوزوريس . والناجحون فى الامتحان الذين تثبت زيادة حسناتهم عن سيئاتهم يدخلون مملكة أوزوريس وجنته أما الراسبون العصاة الذين تزيد سيئاتهم عن حسناتهم فيظلون فى مقابرهم جوعى وعطشى بل أن القضاة يحملون معهم أدوات لتعذيب الموتى العصاة، والحيوان المخيف الواقف أمام أوزوريس يلتهم الميت ويمزق أعضاءه ، واسم ذلك الحيوان آكل الموتى باباى وتعني الملتهمة, أما إذا تعادلت سيئاته وحسناته حيتئذ توكل إليه خدمة الآلهة .

فى رواية أخري يتحول الحيوان الخرافى باباى الذى يلتهم الميت العاصى إلى ثعبان أفعى ضخم رهيب المنظر ، وإذا أفلح الميت فى حسابه أمام أوزوريس يقال لذلك الثعبان الهائل يا أفعون لا تأكله, أما إذا لم يفلح يُؤمر الأفعون بالتهامه . وانتقلت تلك الأسطورة الأخيرة إلينا فى شكل جديد بعد عدة تحويرات , أصبح أوزوريس فيها يتسمى باسم عزرائيل , وأصبح ألأفعون الضخم ثعباناً أقرع ، وأصبح القائمون على محاسبة الميت فى قبره اثنين فقط من الملائكة أطلق عليهما لقب ناكر ونكير.

تدل النصوص السومرية والبابلية على أن هناك تشابها تاما بين تلك النصوص حول نفي فكرة البعث و النشور بعد الموت , فكلاهما ينكران البعث و القيامة, فقد وصف السومريون و البابليون العالم الآخر على أنه عالم الظلام و الرهبة , وهو المكان الذي إذا ذهب إليه الإنسان لا يخرج منه أبدا, وقد سماه السومريون العالم السفلي الذي يحكم فيه الإله نرجال , وينعتونه أحيانا بمدينة الأموات . وقد سماه البابليون أرالوا و الناس في هذا العالم كما ورد في ملحمة جلجامش متساوون . وقد ورد في القصيدة التي تصف نزول الآلهة عشتار إلى هذا العالم في يداية الربيع من كل عام لتُخرج زوجها تموز إله الخُضرة والربيع, فقيل إنه موضع مخيف مسّور بسبعة أسوار ضخمة يحرس كل منها شياطين مردة وتتولاه الإلهة "إيرشكيكال" إلهة الدُجي والظبمة والموت.

وكان أقرب مثال واقعي للموت عند الأقوام هو النوم , فكانوا يعتقدون بأن الميت يحتفظ بشيء من الشعور يستمر ملازما له حتي اللحظة التي يغمض فيها عينيه, وكانوا يتصورون أن روح الميت تتمثل في شبح سموه أدمو ينزل مع الميت إلى العالم السفلي ويبقى معه هناك في حال دفن الميت وفق الطرق و المراسيم الدينية المقررة , وإذا لم تتوفر هذه الشروط انقلب هذا الشبح روحا خبيثة يخرج من عالم الأموات في الأرض السفلى ويكون ديدنه إلحاق الضرر والأذى بالأحياء ولا سيما أقاربه, ولذلك عني الناس عناية شديدة بدفن الميت بموجب القواعد الدينية منعا لخروج أدمو من عالم الأموات . والخلاصة أنه بعد الموت لا توجد عندهم جنة أو نار لا نعيم أو جحيم, لذا تطغي علي الحضارتين السومرية والبابلية صفة المادية و النعيم و المتعة في الحياة الدنيا.

ولا نجد في الديانة اليهودية ذكر عن البعث والنشور , فالنص التوراتي يشبه تماما النص البابلي في أن العقاب زمني في هذه الدار الدنيا كالآلام و المرض وفقد المال و الموت العاجل وتسلط الأعداء .. الخ . أما بعد الموت فيذهب الإنسان إلى دار الأموات "وفي الظلام يذهب ويغطي إسمه بالظلام", وهذا نفس عالم الظلام البابلي حيث يتساوى الجميع فيه , "أليس إلي موضع واحد يذهب الجميع", وكلمة التساوي هذه هي نفس التعبير الوارد في النص البابلي , وقد أسمت التوراة العالم السفلي بالهاوية . والهاوية معناها في الأصل الميثيولوجي مكان الأموات من يهبط إليه لا يصعد , وهذا نفس كلام السومريين و البابليين "المكان الذي لا خروج منه" , وأسمته التوراة أيضا "الظلام وظل الموت" وهو نفس كلام البابليين "عالم الظلام و الرهبة" , وفي مكان آخر أسمته "الجب وأسافل الجب" ووادي ظل الموت . ومن المرجح أن الكنعانيين الذين أخذ الإسرائيليون عنهم تقاليدهم وعاداتهم بل وأكثر شرائعهم كانوا يحملون نفس الفكرة التي اعتنقها اليهود في هذا الصدد.

وقد ظهرت جماعة من اليهود مؤلفة من طبقة الكهنة وبعض الكتبة يعرفون بالصدوقيين نسبة إلى رائدهم الأول صدّوق أو صادق . كانت تجاهر بمبدأ نكران البعث و النشور و القيامة وتذهب إلى أن عقاب العصاة وإثابة المحسنين إنما يحصلان في حياتهم , وكان هؤلاء يرفضون كل ما هو خارج عن الوحي المدّون في أسفار موسى الخمسة , ثم نشأت فكرة العقاب عند علماء اليهود في وقت لاحق . فقال بعضهم بوجود سبع دور متناوبة الدرجات , ورأى بعضهم أن للعقاب دارين دار عليا وأخرى سفلى, واحدة لعقاب الجسد في هذه الحياة و أخرى لعقاب النفس في الآخرة , ولهذه سبع درجات متفاوتة حسب تفاوت الذنوب . ومنهم من قال أن الناس يقسّمون بعد الموت إلى ثلاث فرق:

  • فرقة صالحة حسناتها تربو على سيئاتها تتمتع بالسعادة الأبدية حالا .
  • فرقة طالحة تزيد سيئاتها عن حسناتها تعذب عذابا أبديا .
  • وفرقة ثالثة بين بين تعذب في جهنم مدة حتى تطهّر من ذنوبها فتصعد إلى السماء.

وقد ظهرت قبيل عهد المسيح فرق من اليهود تؤمن بالقيامة و بالعقاب و بالملائكة فكان أقدمهم السامريون الذين اتخذوا هيكلا خاصا لهم في جبل جرزيم في شكيم , نابلس حاليا, مارسوا عبادتهم منعزلين عن اليهود الذين كانوا على خلاف ديني معهم وقد اشتدت العداوة بينهم, والفريسيون يؤمن منتسبوها بالقيامة وبالروح وبالملائكة على نقيض الصدوقيون الذين لا يؤمنون بالقيامة ولا بالروح ولا بالملائكة إنطلاقا من التوراة . نخلص من ذلك أن اليهود كانوا لا يؤمنون بالبعث والنشور قبل كتابة التلمود ، وبعد كتابة التلمود أقروا عقيدة البعث يوم القيامة بتأثير من الإناجيل, حينها آمن اليهود ألا حساب في القبور وأن البعث واحد يوم القيامة وأن الحياة اثنتين في الدنيا والآخرة.